تغيير وصية العتق أخبرنا الربيع بن سليمان قال حدثنا الشافعي إملاء قال وللموصى أن يغير من وصيته ما شاء من تدبير وغير تدبير لأن الوصية عطاء يعطيه بعد الموت فله الرجوع فيه ما لم يتم لصاحبه بموته، قال وتجوز وصية كل من عقل الوصية من بالغ محجور عليه وغير بالغ لأنا إنما نحبس عليه ماله ما لم يبلغ رشده، فإذا صار إلى أن يحول ملكه لغيره لم نمنعه أن يتقرب إلى الله تعالى في ماله بما أجازت له السنة من الثلث، قال ونقتصر في الوصايا على الثلث، والحجة في أن يقتصر بها على الثلث وفى أن تجوز لغير القرابة حديث عمران بن حصين أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند الموت فأقرع النبي صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة فاقتصر بوصيته على الثلث وجعل عتقه في المرض إذا مات وصية وأجازها للعبيد وهم غير قرابة وأحب إلينا أن يوصى للقرابة (قال الشافعي) وإذا أوصى رجل لرجل بثلث ماله أو شئ مسمى من دنانير أو دراهم أو عرض من العروض وله مال حاضر لا يحتمل ما أوصى به ومال غائب فيه فضل عما أوصى به أعطينا الموصى له ما أوصى له بما بينه وبين أن يستكمل ثلث المال الحاضر وبقينا ما بقي له ولكما حضر من المال شئ دفعنا إلى الورثة ثلثيه وإلى الموصى له ثلثه حتى يستوفوا وصاياهم، وإن هلك المال الغائب هلك منهم ومن الورثة، وإن أبطأ عليهم أبطأ عليهم معا وأحسن حال الموصى له أبدا أن يكون كالوارث ما احتملت الوصية الثلث فإذا عجز الثلث عنها سقط معه فأما أن يزاد أحد بحال أبدا على ما أوصى له به قليلا أو كثيرا فلا إلا أن يتطوع له الورثة فيهبون له من أموالهم أرأيت من زعم أن رجلا لو أوصى لرجل بثلاثة دراهم وترك ثلاثة دراهم وعرضا غائبا يساوى ألف فقال أخير الورثة بين أن يعطوا الموصى له هذه الثلاثة دراهم كلها ويسلم لهم ثلث مال الميت أو أجبرهم على درهم من الثلاثة لأنه ثلث ما حضر وأجعل للموصى له ثلثي الثلث فيما غاب من ماله أليس كان أقرب إلى الحق وأبعد من الفحش في الظلم لو جبرهم على أن يعطوه من الثلاثة دراهم درهما؟ فإذا لم يجز عنده أن يجبرهم على درهمين يدفعونهما من قبل أن لا يكون له أن تسلم إليه وصيته ولم تأخذ الورثة ميراثهم كان أن يعطوه قيمة ألوف أحرم عليه وأفحش في الظلم وإنما أحسن حالات الموصى له أن يستوفى ما أوصى له به لا يزاد عليه بشئ ولا يدخل عليه النقص فأما الزيادة فلا تحل ولكن كلما حضر من مال الميت أعطينا الورثة الثلثين وله الثلث حتى يستوفى وصيته وكذلك لو أوصى له بعبد بعينه ولم يترك الميت غيره إلا مالا غائبا سلمنا له ثلثه وللورثة الثلثين وكلما حضر من المال الغائب شئ له ثلث زدنا الموصى له في العبد أبدا حتى يستوفى رقبته أو يعجز الثلث فيكون له ما حمل الثلث ولا أبالي ترك الميت دارا أو أرضا أو غير ذلك لأنه لا مأمون في الدنيا قد تنهدم الدار وتحترق ويأتي السيل عليها فينسف أرضها وعمارتها وليس من العدل أن يكون للورثة ثلثان بكتاب الله عز وجل وللموصى له ثلث تطوعا من الميت فيعطى بالثلث ما لا تعطى الورثة بالثلثين.
باب وصية الحامل أخبرنا الربيع بن سليمان قال (قال الشافعي) تجوز وصية الحامل ما لم يحدث لها مرض غير الحمل