الله عنه استعمل مولى له يقال له هنى على لحمي فقال له يا هنى ضم جناحك للناس واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مجابة وأدخل رب الصريمة والغنيمة وإياي ونعم ابن عفان ونعم ابن عوف فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع وإن رب الصريمة والغنيمة يأتي بعياله فيقول يا أمير المؤمنين أفتاركهم أنا لا أبالك فالماء والكلأ أهون على من الدنانير والدراهم وأيم الله لعلى ذلك إنهم ليرون أنى قد ظلمتهم إنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الاسلام ولولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت على المسلمين من بلادهم شبرا فقال ولو ثبت هذا عن عمر بإسناد موصول أخذت به، وهذا أشبه ما روى عن عمر رضي الله عنه من أنه ليس لأحد أن يتحجر.
من قال لا حمى إلا حمى من الأرض الموات وما يملك به الأرض وما لا يملك وكيف يكون الحمى (قال الشافعي) رحمه الله: أخبرنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا حمى إلا لله ورسوله " (وحدثنا) غير واحد من أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى النقيع (قال الشافعي) كان الرجل العزيز من العرب إذا انتجع بلدا مخصبا أوفى بكلب على جبل إن كان به أو نشز إن لم يكن جبل ثم استعواه ووقف له من يسمع منتهى صوته بالعواء فحيث بلغ صوته حماه من كل ناحية فيرعى مع العامة فيما سواه ويمنع هذا من غيره لضعفاء سائمته وما أراد قرنه معها فيرعى معها فنرى أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم " لا حمى إلا لله ورسوله " لا حمى على هذا المعنى الخاص وأن قوله لله كل محمى وغيره ورسوله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان يحمى لصلاح عامة المسلمين لا لما يحمى له غيره من خاصة نفسه وذلك أنه صلى الله عليه وسلم لا يملك إلا ما لا غناء به وبعياله عنه ومصلحتهم حتى يصير ما ملكه الله من خمس الخمس مردودا في مصلحتهم وكذلك ماله إذا حبس فوق سنته مردودا في مصلحتهم في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله وأن ماله ونفسه كان مفرغا لطاعة الله تعالى فصلى الله عليه وسلم وجزاه أفضل ما جزى به نبيا عن أمته (قال الشافعي) والحمى ليس بإحياء موات فيكون لمن أحياه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا حمى إلا لله ورسوله " يحتمل معنيين أحدهما أن لا يكون لاحد أن يحمى للمسلمين غير ما حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذهب هذا المذهب قال يحمى الوالي كما حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاد لجماعة المسلمين على ما حماها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكون لوال إن رأى صلاحا لعامة من حمى أن يحمى بحال شيئا من بلاد المسلمين والمعنى الثاني أن قوله " لا حمى إلا لله ورسوله " يحتمل لا حمى إلا على مثل ما حمى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذهب هذا المذهب قال للخليفة خاصة دون الولاة أن يحمى على مثل ما حمى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذي عرفناه نصا ودلالة فيما حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه حمى لنقيع والنقيع بلد ليس بالواسع الذي إذا حمى ضاقت البلاد بأهل المواشي حوله حتى يدخل ذلك الضرر على مواشيهم أو أنفسهم كانوا يجدون فيما سواه من البلاد سعة لأنفسهم ومواشيهم وأن ما سواه مما لا يحمى أوسع منه وأن النجع يمكنهم فيه وأنه لو ترك فكان