قاضى أهل العدل الاخذ له به لا يختلف هو وغيره فما يؤخذ لبعضهم من بعض من الحق في المواريث وغيرها، وكذلك حق على قاضى أهل البغى أن يأخذ من الباغي لغير الباغي من المسلمين وغيرهم حقه، ولو امتنع قاضى أهل البغى من أخذ الحق منهم لمن خالفهم كان بذلك عندنا ظالما ولم يكن لقاضي أهل العدل أن يمنع أهل البغى حقوقهم قبل أهل العدل بمنع قاضيهم الحق منهم قال:
وكذلك أيضا يأخذ من أهل العدل الحق لأهل الحرب والذمة وإن منع أهل الحرب الحق يقع عليهم وأحق الناس بالصبر للحق أهل السنة من أهل دين الله تعالى وليس منع رئيس المشركين حقا قبل من بحضرته لمسلم بالذي يحل لمسلم أن يمنع حربيا مستأمنا حقه لأنه ليس بالذي ظلمه فيحبس له مثل ما أخذ منه ولا يمنع رجلا حقا بظلم غيره وبهذا يأخذ الشافعي. قال: ولو ظهر أهل البغى على مصر فولوا قضاءه رجلا من أهله معروفا بخلاف رأى أهل البغى فكتب إلى قاض غيره نظر فإن كان القاضي عدلا وسمى شهودا شهدوا عنده يعرفهم القاضي المكتوب إليه بنفسه أو يعرفهم أهل العدالة بالعدل وخلاف أهل البغى قبل الكتاب فإن لم يعرفوا فكتابه كما وصفت من كتاب قاضى أهل البغى قال:
وإذا غزا أهل البغى المشركين مع أهل العدل والتقوا في بلادهم فاجتمعوا ثم قاتلوا معا فإن كان لكل واحد من الطائفتين إمام فأهل البغى كأهل العدل جماعتهم كجماعتهم وواحدهم مثل واحدهم في كل شئ ليس الخمس قال: فإن أمن أحدهم عبدا كان أو حرا أو امرأة منهم جاز الأمان وإن قتل أحد منهم في الاقبال كان له السلب. وإن كان أهل البغى في عسكر ردءا لأهل العدل فسرى أهل العدل فأصابوا غنائم أو كان أهل العدل ردءا فسرى أهل البغى فأصابوا غنائم شركت كل واحدة من الطائفتين صاحبتها لا يفترقون في حال إلا أنهم إذا دفعوا الخمس من الغنيمة كان إمام أهل العدل أولى به لأنه لقوم مفترقين في البلدان يؤديه إليهم لأن حكمه جار عليهم دون حكم إمام أهل البغى وأنه لا يستحل حبسه استحلال الباغي قال: ولو وادع أهل البغى قوما من المشركين لم يكن لاحد من المسلمين غزوهم فإن غزاهم فأصاب لهم شيئا رده عليهم ولو غزا أهل البغى قوما قد وادعهم إمام المسلمين فسباهم أهل البغى فإن ظهر المسلمون على أهل البغى استخرجوا ذلك من أيديهم وردوه على أهله المشركين قال: ويحل شراء أحد من ذلك السبي وإن اشترى فشراؤه مردود قال: ولو استعان أهل البغى بأهل الحرب على قتال أهل العدل وقد كان أهل العدل وادعوا أهل الحرب فإنه حلال لأهل العدل قتال أهل الحرب وسبيهم وليس كينونتهم مع أهل البغى بأمان إنما يكون لهم الأمان على الكف فأما على قتال أهل العدل فلو كان لهم أمان فقاتلوا أهل العدل كان نقضا له: وقد قيل: لو استعان أهل البغى بقوم من أهل الذمة على قتال المسلمين لم يكن هذا نقضا للعهد لأنهم مع طائفة من المسلمين وأرى إن كانوا مكرهين أو ذكروا جهالة فقالوا كنا نرى علينا إذا حملتنا طائفة من المسلمين على طائفة من المسلمين أخرى أنها إنما تحملنا على من يحل دمه في الاسلام مثل قطاع الطريق أو قالوا لم نعلم أن من حملونا على قتاله مسلما لم يكن هذا نقضا لعهدهم ويؤخذون بكل ما أصابوا من أهل العدل من دم ومال وذلك أنهم ليسوا بالمؤمنين الذين أمر الله بالاصلاح بينهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى ونتقدم إليهم ونجدد عليهم شرطا بأنهم إن درجوا إلى مثل هذا استحل قتلهم وأسأل الله التوفيق قال: فإن أتى أحد من أهل البغى تائبا لم يقتص منه لأنه مسلم محرم الدم وإذا قاتل أهل الذمة مع أهل العدل أهل الحرب لم يعطوا سلبا ولا خمسا ولا سهما وإنما يرضخ لهم ولو رهن أهل البغى نفرا منهم عند أهل العدل ورهنهم أهل العدل رهنا وقالوا احبسوا رهننا حتى ندفع إليكم رهنكم وتوادعوا على