عن عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة بن خالد يقول أراد عبد الرحمن بن أم الحكم في شكواه أن يخرج امرأته من ميراثها منه فأبت فنكح عليها ثلاث نسوة وأصدقهن ألف دينار كل امرأة منهم فأجاز ذلك عبد الملك بن مروان وشرك بينهن في الثمن (قال الشافعي) أرى ذلك صداق مثلهن ولو كان أكثر من صداق مثلهن لجاز النكاح وبطل ما زادهن على صداق مثلهن إذا مات من رضه ذلك لأنه في حكم الوصية والوصية لا تجوز لوارث (قال الشافعي) وبلغنا أن معاذ بن جبل قال في مرضه الذي مات فيه زوجوني لا ألقى الله تبارك وتعالى وأنا عزب (قال) وأخبرني سعيد بن سالم أن شريحا قضى في نكاح رجل نكح عند موته فجعل الميراث والصداق في ماله (قال الشافعي) ولو نكح المريض فزاد المنكوحة على صداق مثلها ثم صح ثم مات جازت لها الزيادة لأنه قد صح قبل أن يموت، فكان كمن ابتدأ نكاحا وهو صحيح ولو كانت المسألة بحالها ثم لم يصح حتى ماتت المنكوحة فصارت غير وارث كان لها جميع ما أصدقها صداق مثلها من رأس المال والزياد من الثلث كما يكون ما وهب لأجنبية فقبضته من الثلث فما زاد من صداق المرأة على الثلث إذا ماتت مثل الموهوب المقبوض (قال الشافعي) ولو كانت المسألة بحالها والمتزوجة ممن لا ترث بأن تكون ذمية ثم مات وهي عنده جاز لها جميع الصداق صداق مثلها من جميع المال والزيادة على صداق مثلها من الثلث لأنها غير وارث ولو أسلمت فصارت وارثا بطل عنها ما زاد على صداق مثلها (قال الشافعي) ولو نكح المريض امرأة نكاحا فاسدا ثم مات لم ترثه ولم يكن لها مهر إن لم يكن أصابها فإن كان أصابها فلها مهر مثلها كان أقل مما سمى لها أو أكثر (قال الشافعي) ولو كانت لرجل أمة فأعتقها في مرضه ثم نكحها وأصدقها صداقا وأصابها بقي الجواب " قال الربيع " أنا أجيب فيها وأقول ينظر فإن خرجت من الثلث كان العتق جائزا وكان النكاح جائزا بصداق مثلها إلا أن يكون الذي سمى لها من الصداق أقل من صداق مثلها فليس لها إلا ما سماه لها فإن كان أكثر من صداق مثلها ردت إلى صداق مثلها وكانت وارثة وإن لم تخرج نم الثلث عتق منها ما احتمل الثلث وكان لها صداق مثلها بحساب ما عتق منها ولم تكن وارثة لأن بعضها رقيق.
هبات المريض (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وما ابتدأ المريض هبة في مرضه لوارث أو غير وارث فدفع إليه ما وهب له فإن كان وارثا ولم يصح المريض حتى مات من مرضه الذي وهب فيه فالهبة مردودة كلها وكذلك إن وهبه له وهو غير وارث ثم صار وارثا فإن استغل ما وهب له ثم مات الواهب قبل أن يصح رد الغلة لأنه إذا مات استدللنا على أن ملك ما وهب له كان في ملك الواهب ولو وهب لوارث وهو مريض ثم صح ثم مرض فدفع إليه الهبة في مرضه الذي مات فيه كانت الهبة مردودة لأن الهبة إنما تتم بالقبض وقبضه إياها كان وهو مريض ولو كانت الهبة وهو مريض ثم كان الدفع وهو صحيح ثم مرض فمات كانت الهبة تامة من قبل أنها تمت بالقبض وقد كان للواهب حبسها وكان دفعه إياها كهبته إياها ودفعه وهو صحيح (قال الشافعي) ولو كانت الهبة لمن يراه يرثه فحدث دونه وارث فحجبه فمات وهو غير وارث أو لأجنبي كانت سواء لأن كليهما غير وارث فإذا كانت هبته لهما صحيحا أو مريضا وقبضهما الهبة وهو صحيح فالهبة لهما جائزة من رأس ماله خارجة من ملكه وكذلك لو كانت هبته وهو مريض ثم صح ثم مات كان ذلك كقبضهما وهو صحيح ولو كان قبضهما الهبة وهو مريض فلم يصح كانت الهبة