(ما لم يكن حد) فإذا كان هذا من الرجل ذي الهيئة بجهالة كما كان هذا من حاطب بجهالة وكان غير متهم أحببت أن يتجافى له وإذا كان من غير ذي الهيئة كان للإمام والله تعالى أعلم تعزيره وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الاسلام يردد المعترف بالزنا (1) فترك ذلك من أمر النبي صلى الله عليه وسلم لجهالته يعنى المعترف بما عليه وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم عقوبة من غل في سبيل الله فقلت للشافعي أرأيت الذي يكتب بعورة المسلمين أو يخبر عنهم بأنهم أرادوا بالعدو شيئا ليحذروه من المستأمن والموادع أو يمضى إلا بلاد العدو مخبرا عنهم قال يعزر هؤلاء ويحبسون عقوبة وليس هذا بنقض للعهد يحل سبيهم وأموالهم ودماءهم وإذا صار منهم واحد إلى بلاد العدو فقالوا: لم نر بهذا نقضا للعهد فليس بنقض للعهد ويعزر ويحبس قلت للشافعي أرأيت الرهبان إذا دلوا على عورة المسلمين؟ قال يعاقبون وينزلون من الصوامع ويكون من عقوبتهم إخراجهم من أرض الاسلام فيخيرون بين أن يعطوا الجزية ويقيموا بدار الاسلام أو يتركوا يرجعون فإن عادوا أودعهم السجن وعاقبهم مع السجن قلت للشافعي أفرأيت إن أعانوهم بالسلاح والكراع أو المال أهو كدلالتهم على عورة المسلمين؟ قال إن كنت تريد في أن هذا لا يحل دماءهم فنعم وبعض هذا أعظم من بعض ويعاقبون بما وصفت أو أكثر ولا يبلغ بهم قتل ولاحد ولا سبي فقلت للشافعي فما الذي يحل دماءهم؟ قال إن قاتل أحد من غير أهل الاسلام راهب أو ذمي أو مستأمن مع أهل الحرب حل قتله وسباؤه وسبى ذريته وأخذ ماله فأما ما دون القتال فيعاقبون بما وصفت ولا يقتلون ولا تغنم أموالهم ولا يسبون.
الغلول قلت للشافعي أفرأيت المسلم الحر أو العبد الغازي أو الذمي أو المستأمن يغلون من الغنائم شيئا قبل أن تقسم؟ فقال لا يقطع ويغرم كل واحد من هؤلاء قيمة ما سرق إن هلك الذي أخذه قبل أن يؤديه وإن كان القوم جهلة علموا ولم يعاقبوا فإن عادوا عوقبوا فقلت للشافعي أفيرجل عن دابته ويحرق سرجه أو يحرق متاعه؟ فقال لا يعاقب رجل في ماله وإنما يعاقب في بدنه وإنما جعل الله الحدود على الأبدان وكذلك العقوبات فأما على الأموال فلا عقوبة عليها (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وقليل الغلول وكثيره محرم قلت فما الحجة؟ قال أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار وابن عجلان كلاهما عن عمرو بن شعيب (1) وأخبرنا الثقفي عن حميد عن أنس قال حاصرنا (تستر) فنزل الهرمزان على حكم عمر فقدمت به على عمر فلما انتهينا إليه قال له عمر تكلم قال كلام حي أو كلام ميت؟ قال تكلم لا بأس قال (إنا وإياكم معاشر العرب ما خلى الله بيننا وبينكم كنا نتعبدكم ونقتلكم ونغصبكم فلما كان الله عز وجل معكم لم يكن لنا بكم يدان) فقال عمر ما تقول؟ فقلت يا أمير المؤمنين تركت بعدي عدوا كثيرا وشوكة شديدة فإن تقتله ييأس لقوم من الحياة ويكون أشد لشوكتهم فقال عمر أستحيي قاتل البراء بن مالك ومجزأة بن ثور؟ فلما خشيت أن يقتله قلت ليس إلى قتله سبيل قد قلت له تكلم لا بأس فقال عمر ارتشيت وأصبت منه فقلت والله ما ارتشيت ولا أصبت منه قال لتأتيني على ما شهدت به بغيرك أو