وهو صحيح أو مريض فذلك سواء والهبة من الثلث مبدأة على الوصايا لأنها عطية بتات وما حمل الثلث منها جاز وما لم يحمل رد وكان الموهوب له شريكا للورثة بما حمل الثلث مما وهب له (قال الشافعي) وما نحل أو ما تصدق به على رجل بعينه فهو مثل الهبات لا يختلف لأنه لا يملك من هذا شئ إلا بالقبض وكل ما لا يملك إلا بالقبض فحكمه حكم واحد لا يختلف ألا ترى أن الواهب والناحل والمتصدق لو
مات قبل أن يقبض الموهوب له والمنحول والمتصدق عليه ما صير لكل واد منهم بطل ما صنع وكان مالا من مال الواهب الناحل المتصدق لورثته؟ أولا ترى ان جائزا لمن أعطى هذا أن يرده على معطيه فيحل لمعطيه ملكه ويحل لمعطيه شراؤه منه وارتهانه منه ويرثه إياه فيملكه كما كان يملكه قبل خروجه من يده؟ (قال الشافعي) ولو كانت دار رجل أو عبده في يدي رجل بسكنى أو إجارة أو عارية فقال: قد وهبت لك الدار التي في يديك وكنت قد أذنت لك في قبضه لنفسك كانت هذه هبة مقبوضة للدار والعبد الذي في يديه ثم لم يحدث له منعا لما وهب له حتى
مات علم أنه لها قابض (قال الشافعي) وما كان
يجوز بالكلام دون القبض مخالف لهذا وذلك الصدقات المحرمات فإذا تكلم بها المتصدق وشهد بها عليه فهي خارجة من ملكه تامة لمن تصدق بها عليه لا يزيدها القبض تماما ولا ينقص منها ترك ذلك وذلك أن المخرج لها من ملكه أخرجها بأمر منعها به أن يكون ملكه منها متصرفا فيما يصرف فيه المال من بيع وميراث وهبة ورهن وأخرجها من ملكه خروجا لا يحل له أن يعود إليه بحال فأشبهت
العتق في كثير من أحكامها ولم تخالفه إلا في المعتق يملك منفعة نفسه وكسبها وأن منفعة هذه مملوكة لمن جعلت له وذلك أنها لا تكون مالكة وإنما منعنا من كتاب الآثار في هذا أنه موضوع في غيره فإذا تكلم بالصدقة المحرمة صحيحا ثم
مرض أو مريضا ثم صح فهي جائزة خارجة من ماله وإذا كان تكلم بها مريضا فلم يصح فهي من ثلثه جائزة بما تصدق به لمن جازت له
الوصية بالثلث ومردودة عمن ترد عنه
الوصية بالثلث.
باب
الوصية بالثلث " وفيه
الوصية بالزائد على الثلث وشئ يتعلق بالإجارة ولم يذكر الربيع ترجمة تدل على الزائد على الثلث ".
(قال الشافعي) رحمه الله تعالى:
وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن لا
يجوز لاحد وصية إذا جاوز الثلث مما ترك فمن
أوصى فجاوز الثلث ردت وصاياه كلها إلى الثلث إلا أن يتطوع
الورثة فيجيزون له ذلك فيجوز بإعطائهم وإذا تطوع له
الورثة فأجازوا ذلك له فإنما أعطوه من أموالهم فلا
يجوز في القياس إلا أن يكون يتم للمعطى بما يتم به له ما ابتدءوا به عطيته من أموالهم من قبضة ذلك ويرد بما رد به ما ابتدءوا من أموالهم إن
مات الورثة قيل أن يقبضه
الموصى له (1) (قال الشافعي) فلو
أوصى ____________________
(1) قال السراج البلقيني: وفى اختلاف العراقيين في آخر " باب اليمين " وإذا أوصى الرجل للرجل بأكثر من ثلثه فأجز ذلك الورثة في حياته وهم كبار ثم ردوا ذلك بعد موته فإن أبا حنيفة قال لا تجوز عليهم تلك الوصية ولهم أن يردوها لأنهم أجازوا وهم لا يملكون الإجازة ولا يملكون المال وكذلك بلغنا عن عبد الله بن مسعود وشريح وبهذا يأخذ يعنى أبا يوسف وكان ابن أبي ليلى يقول إجازتهم جائزة عليهم لا يستطيعون أن يرجعوا إلى شئ منها ولو