وسراياه لم يكن فيها أنفال من هذا الوجه (قال الشافعي) والنفل في أول مغزى والثاني وغير ذلك سواء على ما وصفت من الاجتهاد (قال الشافعي) والذي يختار من أرضى من أصحابنا أن لا يزاد أجد على ماله لا يعطى غير الأخماس أو السلب للقاتل ويقولون لم نعلم أحدا من الأئمة زاد أحدا على حظه من سلب أو سهما من مغنم إلا أن يكون ما وصفت من كثرة العدو وقلة المسلمين فينفلون وقد روى بعض الشاميين في النفل في البدأة والرجعة الثلث في واحدة والربع في الأخرى ورواية ابن عمر أنه نفل نصف السدس فهذا يدل على أنه ليس للنفل حد لا يجاوزه الإمام وأكثر مغازى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن فيها إنفال فإذا كان للإمام أن لا ينفل فنفل فينبغي لتنفيله أن يكون على الاجتهاد غير محدود.
الوجه الثالث من النفل (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قال بعض أهل العلم إذا بعث الإمام سرية أو جيشا فقال لهم قبل اللقاء من غنم شيئا فهو له بعد الخمس فذلك لهم على ما شرط الإمام لأنهم على ذلك غزوا وبه رضوا وقالوا يخمس جميع ما أصاب كل واحد منهم غير السلب في إقبال الحرب وذهبوا في هذا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر قال " من أخذ شيئا فهو له " وذلك قبل نزول الخمس والله أعلم ولم أعلم شيئا يثبت عندنا عن النبي صلى الله عليه إلا ما وصفنا من قسمة الأربعة الأخماس بين من حضر القتال وأربعة أخماس الخمس على أهله ووضعه سهمه حيث أراه الله عز وجل وهو خمس الخمس، وهذا أحب إلى والله أعلم، ولهذا مذهب وذلك أن يقال إنما قاتل هؤلاء على هذا الشرط والله أعلم.
كيف تفريق القسم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وكل ما حصل مما غنم من أهل دار الحرب من شئ قل أو كثر من دار أو أرض وغير ذلك من المال أو سبى قسم كله إلا الرجال البالغين فالإمام فيهم بالخيار بين أن يمن على من رأى منهم أو يقتل أو يفادى أو يسبى وإن من أو قتل فذلك له وإن سبى أو فادى فسبيل ما سبى وما أخذ مما فادى سبيل ما سواه من الغنيمة قال وذلك إذا أخذ منهم شيئا على إطلاقهم فأما أن يكون أسير من المسلمين فيفاديه بأسيرين أو أكثر فذلك له ولا شئ للمسلمين على ما فادى من المسلمين بأسارى المشركين وإذا جاز له أن يمن عليهم فلا يعود على المسلمين منه منفعة يقبضونها كان أن يستخرج أسيرا من المسلمين أنفع وأولى أن يجوز، أخبرنا ابن عيينة عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم فادى رجلا برجلين (قال الشافعي) وفى الرجل يأسره الرجل فيسترق أو تؤخذ منه الفدية قولان أحدهما ما أخذ منه كالمال يغنم وأنه إن استرق فهو كالذرية وذلك يخمس وأربعة أخماسه بين جماعة من حضر فلا يكون ذلك لمن أسره وهذا قول صحيح لا أعلم خبرا ثابتا يخالفه وقد قيل الرجل مخالف للسبي والمال لأن عليه القتل فهو لمن أخذه وما أخذ منه فلمن أخذه كما يكون سلبه لمن قتله لأن أخذه أشد من قتله وهذا مذهب والله أعلم، فينبغي