من البلدان قال ولا أحسب عمر بن الخطاب ولا عمر بن عبد العزيز أخذ ذلك منهم إلا عن رضا منهم بما أخذ منهم فأخذه منهم كما تؤخذ الجزية فأما أن يكون ألزمهموه بغير رضا منهم فلا أحسبه وكذلك أهل الحرب يمنعون الاتيان إلى بلاد المسلمين بتجارة بكل حال إلا بصلح فما صالحوا عليه جاز لمن أخذه وإن دخلوا بأمان وغير صلح مقرين به لم يؤخذ منهم شئ من أموالهم وردوا إلى مأمنهم إلا أن يقولوا إنما دخلنا على أن يؤخذ منا فيؤخذ منهم وإن دخلوا بغير أمان غنموا وإذا لم يكن لهم دعوى أمان ولا رسالة كانوا فيئا وقتل رجالهم إلا أن يسلموا أو يؤدوا الجزية قبل أن نظفر بهم إن كانوا ممن يجوز أن تؤخذ منهم الجزية وإن دخل رجل من أهل الذمة بلدا أو دخلها حربي بأمان فأدى عن ماله شيئا ثم دخل بعد لم يؤخذ ذلك منه إلا بأن يصالح عليه قبل الدخول أو يرضى به بعد الدخول فأما الرسل ومن ارتاد الاسلام فلا يمنعون الحجاز لأن الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله) وإن أراد أحد من الرسل الإمام وهو بالحرم فعلى الإمام أن يخرج إليه ولا يدخله الحرم إلا أن يكون يغنى الإمام فيه الرسالة والجواب فيكتفى بهما، فلا يترك يدخل الحرم بحال.
ذكر ما أخذ عمر رضى الله تعالى عنه من أهل الذمة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن عمر ابن الخطاب رضى الله تعالى عنه كان يأخذ من النبط من الحنطة والزيت نصف العشر يريد بذلك أن يكثر الحمل إلى المدينة ويأخذ من القطنية العشر * أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أنه قال كنت عاملا مع عبد الله بن عتبة على سوق المدينة في زمان عمر بن الخطاب فكان يأخذ من النبط العشر (قال الشافعي) رحمه الله تعالى لعل السائب حكى أمر عمر أن يأخذ من النبط العشر في القطنية كما حكى سالم عن أبيه عن عمر فلا يكونان مختلفين أو يكون السائب حكى العشر في وقت فيكون أخذ منهم مرة في الحنطة والزيت عشرا ومرة نصف العشر ولعله كما بصلح يحدثه في وقت برضاه ورضاهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: لست أحسب عمر أخذ ما أخذ من النبط إلا عن شرط بينه وبينهم كشرط الجزية وكذلك أحسب عمر بن عبد العزيز أمر بالأخذ منهم ولا يأخذ من أهل الذمة شيئا إلا عن صلح ولا يتركون يدخلون الحجاز إلا بصلح ويحدد الإمام فيما بينه وبينهم في تجاراتهم وجميع ما شرط عليهم أمرا يبين لهم وللعامة ليأخذهم به الولاة غيره ولا يترك أهل الحرب يدخلون بلاد المسلمين تجارا فإن دخلوا بغير أمان ولا رسالة غنموا وإن دخلوا بأمان وشرط أن يأخذ منهم عشرا أو أكثر أو أقل أخذ منهم فإن دخلوا بلا أمان ولا شرط ردوا إلى مأمنهم ولم يتركوا يمضون في بلاد الاسلام ولا يؤخذ منهم شئ وقد عقد لهم الأمان إلا عن طيب أنفسهم وإن عقد لهم الأمان على دمائهم لم يؤخذ من أموالهم شئ إن دخلوا بأموال إلا بشرط على أموالهم أو طيب أنفسهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وسواء كان أهل الحرب بين قوم يعشرون المسلمين إن دخلوا بلادهم أو يخمسونهم لا يعرضون لهم في أخذ شئ من أموالهم إلا عن طيب أنفسهم أو صلح يتقدم منهم أو يؤخذ غنيمة أو فيئا إن لم يكن لهم ما يأمنون به على أمواله لأن اله عز وجل أذن بأخذ أموالهم غنيمة وفيئا وكذلك الجزية فيما أعطوها