المسلمين فهو على وجهين لا يخرج منهما كلاهما مبين في كتاب الله تعالى وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى فعله فأحدهما الغنيمة قال الله عز وجل في سورة الأنفال " واعلموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسه " الآية. والوجه الثاني الفئ وهو مقسوم في كتاب الله عز ذكره في سورة الحشر قال الله تبارك وتعالى " وما أفاء الله على رسوله منهم " إلى قوله " رؤوف رحيم " فهذان المالان اللذان خولهما الله تعالى من جعلهما له من أهل دينه، وهذه أموال يقوم بها الولاة لا يسعهم تركها وعلى أهل الذمة ضيافة، وهذا صلح صولحوا عليه غير مؤقت فهو لمن مر بهم من المسلمين خاص دون العام من المسلمين خارج من المالين. وعلى الإمام إن امتنع من صولح على الضيافة من الضيافة أن يلزمه إياها.
جماع سنن قسم الغنيمة والفئ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه " الآية وقال الله تعالى " ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى " الآية، وقال عز وجل " وما أفاء الله على رسوله منهم " الآية. (قال الشافعي) فالغنيمة والفئ يجتمعان في أن فيهما معا الخمس من جميعهما لمن سماه الله تعالى له ومن سماه الله عز وجل له في الآيتين معا سواء مجتمعين غير مفترقين. قال ثم يتعرف الحكم في الأربعة الا خمس بما بين الله عز وجل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وفى فعله فإنه قسم أربعة أخماس والغنيمة والغنيمة هي الموجف عليها بالخيل والركاب لمن حضر من غنى وفقير والفئ وهو ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فكانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم في قرى عرينة التي أفاءها الله عليه أن أربعة أخماسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة دون المسلمين يضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراه الله عز وجل. أخبرنا ابن عيينة عن الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان، قال سمعت عمر بن الخطاب وعلي والعباس رحمة الله عليهم يختصمان إليه في أموال النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر كانت أموال بنى النضير مما أفاء الله على رسوله مما لو يوجف عليها المسلمون بخيل ولا ركاب فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خالصا دون المسلمين فكان النبي صلى الله عليه وسلم يتفق منها على أهله نفقة سنة فما فضل جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل ثم توفى النبي صلى الله عليه وسلم فوليها أبو بكر بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وليها عمر بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ثم سألتماني أن أوليكماها فوليتكماها على أن تعملا فيها بمثل ما وليها به رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وليها به أبو بكر ثم وليتها به فجئتماني تختصمان أتريدان أن أدفع إلى كل واحد منكما نصفا أتريدان منى قضاء غير ما قضيت به بينكما أولا؟ فلا والله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض لا أقضى بينكما قضاء غير ذلك فإن عجزتما عنها فادفعاها إلى أكفكماها (قال الشافعي) فقال لي سفيان لم أسمعه من الزهري ولكن أخبرنيه عمرو بن دينار عن الزهري قلت كما قصصت؟ قال نعم (قال الشافعي) فأموال بنى النضير التي أفاء الله على رسوله عليه الصلاة والسلام التي يذكر عمر فيها ما بقي في يدي النبي صلى الله عليه وسلم بعد الخمس وبعد أشياء قد فرقها النبي صلى الله عليه وسلم منها بين رجال من المهاجرين لم يعط منها أنصاريا إلا رجلين ذكرا فقرا وهذا مبين في موضعه. وفى هذا الحديث دلالة على أن عمر إنما حكى أن أبا بكر وهو أمضيا ما بقي من هذه الأموال التي كانت بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه ما رأيا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به فيها وأنهما لم يكن