فذلك لجماعة ضعفاء المسلمين وأمر عمر رضي الله عنه أن لا يدخل نعم ابن عفان وابن عوف لقوتهما في أموالهما وإنهما لو هلكت ماشيتهما لم يكونا ممن يصير كلا على المسلمين فكذلك يصنع بمن له غنى غير الماشية.
الأحباس أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال جميع ما يعط الناس من أموالهم ثلاثة وجوه.
ثم يتشعب كل وجه منها، والعطايا منها في الحياة وجهان، وبعد الوفاة واحد:
فالوجهان من العطايا في الحياة مفترقا الأصل والفرع، فأحدهما يتم بكلام المعطى والآخر يتم بأمرين، بكلام المعطى وقبض المعطى أو قبض من يكون قبضه له قبضا (قال الشافعي) والعطايا التي تتم بكلام المعطى دون أن يقبضها المعطى ما كان إذا خرج به الكلام من المعطى له جائزا على ما أعطى لم يكن للمعطى أن يملك ما خرج منه فيه الكلام بوجه أبدا وهذه العطية الصدقات المحرمات الموقوفات على قوم بأعيانهم أو قوم موصوفين وما كان في معنى هذه العطايا مما سبل محبوسا على قوم موصوفين وإن لم يسم ذلك محرما فهو محرم باسم الحبس (قال الشافعي) فإذا أشهد الرجل على نفسه بعطية من هذه فهي جائزة لمن أعطاها، قبضها أو لم يقبضها، ومتى قام عليه أخذها من يدي معطيها وليس لمعطيها حبسها عنه على حال بل يجبر على دفعها إليه وإن استهلك منها شيئا بعد إشهاده بإعطائها ضمن ما استهلك كما يضمنه أجنبي لو استهلكه لأنه إذ خرج من ملكه فهو والأجنبي فيما استهلك منه سواء ولو مات من جعلت هذه الصدقة عليه قبل قبضها وقد أغلت غلة أخذ وارثه حصته من غلتها لأن الميت قد كان مالكا لما أعطى وإن لم يقبضه كما يكون له غلة أرض لو غصبها أو كانت وديعة في يدي غيره فجحدها ثم أقر بها وإن لم يكن قبض ذلك ولو مات بها قبل أن يقبضها من تصدق بها عليه لم يكن لوارثه منها شئ وكانت لمن تصدق بها عليه ولا يجوز أن يقال ترجع موروثة والموروث إنما يورث ما كان ملكا للميت فإذا لم يكن للمتصدق الميت أن يملك شيئا في حياته ولا بحال أبدا لم يجز أن يملك الوارث عنه بعد وفاته ما لم يكن له أن يملك في حياته بحال أبدا. قال وفى هذا المعنى العتق. إذا تكلم الرجل يعتق من يجوز له عتقه ثم العتق ولم يحتج إلى أن يقبله المعتق ولم يكن للمعتق ملكه ولا لغيره ملك رق يكون له فيه بيع ولا هبة ولا ميراث بحال، والوجه الثاني من العطايا في الحياة ما أخرجه المالك من يده ملكا تاما لغيره بهبته أو ببيعه ويورث عنه وهذا من العطايا يحل لمن أخرجه من يديه أن يملكه بوجوه، وذلك أن يرث ممن أعطاه أو يرد عليه المعطى العطية أو يهبها له أو يبيعه إياها وهذا مثل النحل والهبة والصدقة غير المحرمة ولا التي في معناها بالتسبيل وغيره وهذه العطية تتم بأمرين: إشهاد من أعطاها وقبضها بأمر من أعطاها والمحرمة والمسبلة تجوز بلا قبض. قيل تقليد الهدى وإشعاره وسياقه وإيجابه بغير تقليد يكون على مالكه بلاغة البيت ونحره والصدقة فيه بما صنع منه ولم يقبضه من جعل له وليس كذلك ما تصدق به بغير حبس مما لا يتم إلا بقبض من أعطيها لنفسه أو قبض غيره له ممن قبضه له قبض وهذا الوجه من العطايا لمعطيه أن يمنعه من أعطاه إياه ما لم يقبضه، ومتى رجع في عطيته قبل قبض من اعطيه فذلك له وإن مات المعطى قبل يقبض العطية فالمعطي بالخيار إن أحب أن يعطيها ورثته عطاء مبتدأ لا عطاء موروثا عن المعطى لأن المعطى لم يملكها فعل وذلك أحب إلي له وإن شاء حبسها