عنهم وإن مات المعطى قبل يقبضها المعطى فهي لورثة المعطى لأن ملكها لم يتم للمعطى. قال:
والعطية بعد الموت هي الوصية لمن أوصى له في حياته فقال إذا مت فلفلان كذا فله أن يرجع في الوصية ما لم يمت فإذا مات ملك أهل الوصايا وصاياهم بلا قبض كان من المعطى ولا بعده وليس للورثة أن يمنعوه الموصى لهم وهو لهم ملكا تاما قال: وأصل ما ذهبنا إليه أن هذا موجود في السنة والآثار أو فيهما ففرقنا بينه اتباعا وقياسا.
الخلاف في الصدقات المحرمات (قال الشافعي) رحمه الله: فخالفنا بعض الناس في الصدقات المحرمات وقال من تصدق بصدقة محرمة وسبلها فالصدقة باطل وهي ملك للمتصدق في حياته ولوارثه بعد موته قبضها من تصدق بها عليه أو لم يقبضها وقال لي بعض من يحفظ قول قائل هذا: إنا رددنا لصدقات الموقوفات بأمور قلت له وما هي؟ فقال قال شريح جاء محمد صلى الله عليه وسلم بإطلاق الحبس فقلت له وتعرف الحبس التي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بإطلاقها؟ قال لا أعرف حبسا إلا الحبس بالتحريم فهل تعرف شيئا يقع عليه اسم الحبس غيرها؟ (قال الشافعي) فقلت له أعرف الحبس التي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بإطلاقها وهي غير ما ذهبت إليه وهي بينة في كتاب الله عز وجل قال أذكرها قلت قال الله عز وجل " ما جعل الله من بحيرة وسائبة ولا وصيلة ولا حام " فهذه الحبس التي كان أهل الجاهلية يحبسونها فأبطل الله شروطهم فيها وأبطلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بإبطال الله إياها وهي أن الرجل كان يقول إذا نتج فحل إبله ثم ألقح فأنتج منه هو حام أي قد حمى ظهره فيحرم ركوبه ويجعل ذلك شبيها بالعتق له ويقول في البجيرة والوصيلة على معنى يوافق بعض هذا ويقول لعبده أنت حر سائبة لا يكون لي ولاؤك ولا على عقلك قال فهل قيل في السائبة غير هذا؟ فقلت نعم قيل إنه أيضا في البهائم قد سيبتك (قال الشافعي) فلما كان العتق لا يقع على البهائم رد رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك البحيرة والوصيلة والحام إلى مالكه وأثبت العتق وجعل الولاء لمن أعتق السائبة وحكم له بمثل حكم النسب ولم يحبس أهل الجاهلية علمته دارا ولا أرضا تبررا بحبسها وإنما حبس أهل الاسلام (قال الشافعي) فالصدقات يلزمها اسم الحبس وليس لك أن تخرج مما لزمه اسم الحبس شيئا إلا بخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على ما قلت وقلت أخبرنا سفيان عن عبد الله بن عمر بن حفص العمرى عن نافع عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب ملك مائة سهم من خيبر اشتراها فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " يا رسول الله إني أصبت ما لا لم أصب مثله قط وقد أردت أن أتقرب به إلى الله عز وجل " فقال " حبس الأصل، وسبل الثمرة " (قال الشافعي) وأخبرني عمر بن حبيب القاضي عن عبد الله بن عون عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب قال " يا رسول الله إني أصبت مالا من خيبر لم أصب مالا قط أعجب إلي أو أعظم عندي منه " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن شئت حبست أصله وسبلت ثمره " فتصدق به عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثم حكى صدقته به (قال الشافعي) فقال إن كان هذا ثابتا فلا يجوز إلا أن يكون الحبس التي أطلق غير الحبس التي أمر بحبسها قلت هذا عندنا وعندك ثابت وعندنا أكثر من هذا وإن كانت الحجة تقوم عندنا وعندك بأقل