لكتاب الله عز وجل ويشبه قول الله تبارك وتعالى (فإن عثر على أنهما استحقا إثما) يوجد من مال الميت في أيديهما ولم يذكرا قبل وجوده أنه في أيديهما فلما وجد ادعيا ابتياعه فاحلف أولياء الميت على مال الميت فصار مالا من مال الميت بإقرارهما وادعيا لأنفسهما شراءه فلم تقبل دعواهما بلا بينة فأحلف وارثاه على ما ادعيا وإن كان أبو سعيد لم يبينه في حديثه هذا التبيين فقد جاء بمعناه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وليس في هذا رد اليمين إنما كانت يمين الداريين على ادعاء الورثة من الخيانة ويمين ورثة الميت على ما ادعى الداريان مما وجد في أيديهما وأقرا أنه للميت وأنه صار لهما من قبله وإنما أجزنا رد اليمين من غير هذه الآية فإن قال قائل فإن الله عز وجل يقول (أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم) فذلك والله تعالى أعلم أن الايمان كانت عليهم بدعوى الورثة أنهم اختانوا ثم صار الورثة حالفين بإقرارهم أن هذا كان للميت وادعائهم شراءه منه فجاز أن يقال أن ترد أيمان تثنى عليهم الايمان بما يجب عليهم إن صارت لهم الايمان كما يجب على من حلف لهم وذلك قول الله والله تعالى أعلم (يقومان مقامهما) يحلفان كما أحلفنا وإذا كان هذا كما وصفت فليست هذه الآية بناسخة ولا منسوخة لأمر الله عز وجل بإشهاد ذوي عدل منكم ومن نرضى من الشهداء.
الحكم بين أهل الذمة (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: لم أعلم مخالفا من أهل العلم بالسير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل بالمدينة وادع يهود كافة على غير جزية وأن قول الله عز وجل (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم) إنما نزلت في اليهود الموادعين الذين لم يعطوا جزية ولم يقروا بأن يجري عليهم الحكم وقال بعض نزلت في اليهوديين اللذين زنيا (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: والذي قالوا يشبه ما قالوا لقول الله عز وجل (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله) وقوله تبارك وتعالى (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك) الآية يعنى والله تعالى أعلم إن تولوا عن حكمك بغير رضاهم وهذا يشبه أن يكون ممن أتى حاكما غير مقهور على الحكم والذين حاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة منهم ورجل زنيا موادعون وكان في التوارة الرجم ورجوا أن لا يكون من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجم فجاءوا بهما فرجمهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وإذا وادع الإمام قوما من أهل الشرك، ولم يشترط أن يجرى عليهم الحكم ثم جاءوه متحاكمين فهو بالخيار بين أن يحكم بينهم أو يدع الحكم، فإن اختار أن يحكم بينهم حكم بينهم حكمه بين المسلمين لقول الله عز وجل (وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط) والقسط حكم الله عز وجل الذي أنزله عليه صلى الله عليه وسلم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وليس للإمام الخيار في أحد من المعاهدين الذين يجرى عليهم الحكم إذا جاءوه في حد لله عز وجل وعليه أن يقيمه ولا يفارقون الموادعين إلا في هذا الموضع، ثم على الإمام أن يحكم على الموادعين حكمه على المسلمين إذا جاءوه فإن امتنعوا بعد رضاهم بحكمه حاربهم، وسواء في أن له الخيار في الموادعين إذا أصابوا حد الله أو حدا فيما بينهم لأن المصاب منه الحد لم يسلم ولم يقر بأن يجرى عليه الحكم.