قريش تنتاب الشام انتيابا كثيرا مع معايشها منه وتأتى العراق، قال فلما دخلت في الاسلام ذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم خوفها من انقطاع تعايشها بالتجارة من الشام والعراق إذا فارقت الكفر ودخلت في الاسلام مع خلاف ملك الشام والعراق لأهل الاسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده " (قال الشافعي) فلم يكن بأرض العراق كسرى بعده ثبت له أمر بعده، قال: " وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده " فلم يكن بأرض الشام قيصر بعده وأجابهم على ما قالوا له وكان كما قال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطع الله الأكاسرة عن العراق وفارس وقيصر ومن قام بالامر بعده عن الشام (قال الشافعي) قال النبي صلى الله عليه وسلم في كسرى " يمزق ملكه " فلم يبق للأكاسرة ملك (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وقال في قيصر " يثبت ملكه " فثبت له ملك ببلاد الروم إلى اليوم وتنحى ملكه عن الشام وكل هذا أمر يصدق بعضه بعضا.
الأصل فيمن تؤخذ الجزية منه ومن لا تؤخذ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: بعث الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم بمكة وهي بلاد قومه وقومه أميون وكذلك من كان حولهم من بلاد العرب ولم يكن فيهم من العجم إلا مملوك أو أجير أو مجتاز أو من لا يذكر قال الله تبارك وتعالى " هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته " الآية فلم يكن من الناس أحد في أول ما بعث أعدى له من عوام قومه ومن حولهم، وفرض الله عز وجل عليه جهادهم فقال " وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله " فقيل فيه فتنة شرك ويكون الدين كله واحدا لله وقال في قوم كان بينه وبينهم شئ " فإذا انسلخ الأشهر الحرام فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم " الآية مع نظائر لها في القرآن * أخبرنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عمر عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " أخبرنا سفيان بن عبد الملك بن نوفل بن مساحق عن أبي عصام المزني عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية قال " إن رأيتم مسجدا أو سمعتم مؤذنا فلا تقتلوا أحدا " أخبرنا سفيان عن ابن شهاب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله " قال أبو بكر " هذا من حقها لو منعوني عقالا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه " (قال الشافعي) رحمه الله تعالى يعنى من منع الصدقة ولم يرتد * أخبرنا الثقة عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي هريرة أن عمر قال لأبي بكر هذا القول أو ما معناه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وهذا مثل الحديثين قبله في المشركين مطلقا وإنما يراد به والله تعالى أعلم مشركو أهل الأوثان ولم يكن بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قربه أحد من مشركي أهل الكتاب إلا يهود المدينة وكانوا حلفاء الأنصار ولم تكن أنصار اجتمعت أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلاما فوادعت يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تخرج إلى شئ من عداوته بقول يظهر ولا فعل حتى كانت وقعة بدر فكلم بعضها بعضا بعداوته والتحريض عليه فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم ولم يكن بالحجاز علمته إلا يهودي أو نصراني بنجران وكانت المجوس بهجر وبلاد البربر