الجزية التي لزمتك إلى أن أسلمت أو بدلت وإذا بدلت بغير الاسلام نبذنا إليك ونفيناك عن بلاد الاسلام لأن بلاد الاسلام لا تكون دار مقام لاحد إلا مسلم أو معاهد ولا يجوز أن نأخذ منك الجزية على غير الدين الذي أخذت منك أولا عليه ولو أجزنا هذا أجزنا أن يتنصر وثنى اليوم أو يتهود أو يتمجس فنأخذ منه الجزية فيترك قتال الذين كفروا حتى يسلموا وإنما أذن الله عز وجل يأخذ الجزية منهم على ما دانوا به قبل محمد صلى الله عليه وسلم وذلك خلاف ما أحدثوا من الدين بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان له مال بالحجاز قيل وكل به ولم يترك يقيم إلا ثلاثا وإن كان له بغير الحجاز لم يترك يقيم في بلاد الاسلام إلا بقدر ما يجمع ماله، فإن أبطأ فأكثر ما يؤجل إلى الخروج من بلاد الاسلام أربعة أشهر لأنه أكثر مدة جعلها الله تعالى لغير الذميين من المشركين وأكثر مدة جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم قال الله تبارك وتعالى براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين " قرأ الربيع إلى " غير معجزي الله " فأجلهم النبي صلى الله عليه وسلم ما أجلهم من الله أربعة أشهر (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فإذا لحق بدار الحرب فعلينا أن نؤدى إليه ماله وليس لنا أن نغنمه بردته عن شرك إلى شرك لما سبق من الأمان له، فإن كانت له زوجة وولد كبار وصغار لم يبدلوا أديانهم أقرت الزوجة والولد الكبار والصغار في بلاد الاسلام، وأخذ من ولده الرجال الجزية وإن ماتت زوجته أو أم ولده ولم تبدل دينها وهي على دين يؤخذ من أهله الجزية أقر ولدها الصغار، وإن كانت بدلت دينها وهي حية معه أو بدلته ثم ماتت أو كانت وثنية وله ولد صغار منه ففيهم قولان. أحدهما أن يخرجوا لأنه لا ذمة لأبيهم ولا أمهم يقرون بها في بلاد الاسلام. والثاني لا يخرجون لما سبق لهم من الذمة وإن بدلوا هم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا قلت في زوجته وولده الصغير وجاريته وعبده ومكاتبه ومدبره: أقره في بلاد الاسلام فأراد إخراجهم وكرهوه فليس ذلك له وآمره فيمن يجوز له بيعه من رقيقه أن يؤكل به أو يبيعه وأوقف مالا إن وجدت له وأشهد عليه أنه ملكه للنفقة على أولاده الصغار وزوجته ومن تلزمه النفقة عليه وإن لم أجد له شيئا فلا ينشأ له وقف ونفيته بكل حال عن بلاد الاسلام إن لم يسلم أو يرجع إلى دينه الذي أخذت عليه منه الجزية. وإذا مات قبل إخراجه ورثت ماله من كان يرثه قبل أن يبدل دينه لأن الكفر كله ملة واحدة ويورث الوثني الكتابي والمجوسي وبعض الكتابين بعضا وإن اختلفوا كما الاسلام ملة.
جماع الوفاء بالنذر والعهد ونقضه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: جماع الوفاء بالنذر وبالعهد كان بيمين أو غيرها في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود " وفي قوله تعالى " يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا " وقد ذكر الله عز وجل الوفاء بالعقود بالايمان في غير آية من كتابه، منه قوله عز وجل " وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها " قرأ الربيع الآية وقوله " يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق " مع ما ذكر به الوفاء بالعهد (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وهذا من سعة لسان العرب الذي