الله عليه وسلم قريشا عام الفتح بغدر النفر الثلاثة (1) وترك الباقون معونة خزاعة، فإن خرج منهم خارج بعد مسير الإمام والمسلمين إليهم إلى المسلمين مسلما أحرز له الاسلام ماله ونفسه وصغار ذريته، وإن خرج منهم خارج فقال: أنا على الهدنة التي كانت وكانوا أهل هدنة لا أهل جزية وذكر أنه لم يكن ممن غدر ولا أعان قبل قوله إذا لم يعلم الإمام غير ما قال، فإن علم الإمام غير ما قال نبذ إليه ورده إلى مأمنه ثم قاتله وسبى ذريته وغنم ماله إن لم يسلم أو يعط الجزية إن كان من أهلها، فإن لم يعلم غير قوله وظهر منه ما يدل على خيانته وختره أو خوف ذلك منه نبد إليه الإمام وألحقه بمأمنه ثم قاتله لقول الله عز وجل " وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء " (قال الشافعي) رحمه الله تعالى نزلت والله تعالى أعلم في قوم أهل مهادنة لا أهل جزية، وسواء ما وصفت فيمن تؤخذ منه الجزية أو لا تؤخذ إلا أن من لا تؤخذ منه الجزية إذا عرض الجزية لم يكن للإمام أخذها منه على الأبد وأخذها منه إلى مدة، قال وإن أهل الجزية ليخالفون غير أهل الجزية في أن يخاف الإمام غدر أهل الجزية فلا يكون له أن ينبذ إليهم بالخوف والدلالة كما ينبذ إلى غير أهل الجزية حتى ينكشفوا بالغدر أو الامتناع من الجزية أو الحكم، وإذا كان أهل الهدنة ممن يجوز أن تؤخذ منهم الجزية فخيف خيانتهم نبذ إليهم، فإن قالوا نعطى الجزية على أن يجري علينا الحكم لم يكن للإمام إلا قبولها منهم، وللإمام أن يغزو دار من غدر من ذي هدنة أو جزية يغير عليهم ليلا ونهارا ويسبيهم إذا ظهر الغدر والامتناع منهم، فإن تميزوا أو يخالفهم قوم فأظهروا الوفاء وأظهر قوم الامتناع كان له غزوهم ولم يكن له الإغارة على جماعتهم، وإذا قاربهم دعا أهل الوفاء إلى للخروج فإن خرجوا وفى لهم وقاتل من بقي منهم فإن لم يقدروا على الخروج كان له قتل الجماعة ويتوقى أهل الوفاء فإن قتل منهم أحدا لم يكن فيه عقل ولا قود لأنه بين المشركين وإذا ظهر عليهم ترك أهل الوفاء فلا يغنم لهم مالا ولا يسفك لهم دما، وإذا اختلطوا فظهر عليهم فادعى كل أنه لم يغدر وقد كانت منهم طائفة اعتزلت أمسك عن كل من شك فيه فلم يقتله ولم يسب ذريته ولم يغنم ماله وقتل وسبى ذرية من علم أنه غدر، وغنم ماله.
ما أحدث الذين نقضوا العهد (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا وادع الإمام قوما فأغاروا على قوم موادعين أو أهل ذمة أو مسلمين فقتلوا أو أخذوا أموالهم قبل أن يظهروا نقض الصلح فللإمام غزوهم وقتلهم وسباؤهم وإذا ظهر عليهم ألزمهم بمن قتلوا وجرحوا وأخذوا ماله الحكم كما يلزم أهل الذمة من عقل وقود وضمان. قال:
وإن نقضوا العهد وآذنوا الإمام بحرب أو أظهروا نقض العهد وإن لم يأذنوا الإمام بحرب إلا أنهم قد أظهروا الامتناع في ناحيتهم ثم أغاروا أو أغير عليهم فقتلوا أو جرحوا وأخذوا المال حوربوا وسبوا وقتلوا، فإن ظهر عليهم ففيها قولان: أحدهما لا يكون عليهم قود في دم ولا جرح وأخذ منهم ما وجد عندهم من مال بعينه ولم يضمنوا ما هلك من المال (1) ومن قال هذا قال إنما فرقت بين هذا وقد حكم الله عز