أضعف إذا لزمها اسم الامتناع وسماهم الله تعالى المؤمنين وأمر بالاصلاح بينهم فحق على كل أحد دعاء المؤمنين إذا افترقوا وأرادوا القتال أن لا يقاتلوا حتى يدعوا إلى الصلح وبذلك قلت لا يبيت أهل البغى قبل دعائهم لأن على الإمام الدعاء كما أمر الله عزول قبل القتال وأمر الله عز وجل بقتال الفئة الباغية وهي مسماة باسم الايمان حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت لم تكن لاحد قتالها لأن الله عز وجل إنما أذن في قتالها في مدة الامتناع بالبغي إلى أن تفئ (قال الشافعي) والفئ الرجعة عن القتال بالهزيمة أو التوبة وغيرها وأي حال ترك بها القتال فقد فاء والفئ بالرجوع عن القتال الرجوع عن معصية الله تعالى ذكره إلى طاعته في الكف عما حرم الله عز وجل قال وقال أبو ذؤيب يعير نفرا من قومه انهزموا عن رجل من أهل في وقعة فقتل:
لا ينسأ الله منا معشرا شهدوا * يوم الأميلح لا غابوا ولا جرحوا عقوا بسهم فلم يشعر به أحد * ثم استفاءوا وقالوا حبذا الوضح (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وأمر الله تعالى إن فاءوا أن يصلح بينهما بالعدل ولم يذكر تباعة في دم ولامال وإنما ذكر الله تعالى الصلح آخرا كما ذكر الاصلاح بينهم أولا قبل الاذن بقتالهم فأشبه هذا والله تعالى أعلم أن تكون التباعات في الجراح والدماء وما فات من الأموال ساقطة بينهم قال وقد يحتمل قول الله عز وجل فإن (فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل) أن يصلح بينهم بالحكم إذا كانوا قد فعلوا ما فيه حكم فيعطى بعضهم من بعض ما وجب له لقول الله عز وجل (بالعدل) أخذ الحق لبعض الناس من بعض (قال الشافعي) وإنما ذهبنا إلى أن القود ساقط والآية تحتمل المعنيين (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر بن راشد عن الزهري قال أدركت الفتنة الأولى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانت فيها دماء وأموال فلم يقتص فيها من دم ولا مال ولا قرح أصيب بوجه التأويل إلا أن يوجد مال رجل بعينه فيدفع إلى صاحبه (قال الشافعي) وهذا كما قال الزهري عندنا قد كانت في تلك الفتنة دماء يعرف في بعضها القاتل والمقتول وأتلفت فيها أموال ثم صار الناس إلى أن سكنت الحرب بينهم وجرى الحكم عليهم فما علمته اقتص أحد من أحد ولا غرم له مالا أتلفه ولا علمت الناس اختلفوا في أن ما حووا في البغى من مال فوجد بعينه فصاحبه أحق به (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: أخبرنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من قتل دون ماله فهو شهيد) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على أن للمرء أن يمنع ماله وإذا منعه بالقتال دونه فهو إحلال للقتال والقتال سبب الاتلاف لمن يقاتل في النفس وما دونها قال ولا يحتمل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم والله تعالى أعلم (من قتل دون ماله فهو شهيد) إلا أن يقاتل دونه ولو ذهب رجل إلى أن يحمل هذا القول على أن يقتل ويؤخذ ماله كان اللفظ في الحديث من قتل وأخذ ماله أو قتل ليؤخذ ماله ولا يقال له، قتل دون ماله ومن قتل بلا أن يقاتل فلا يشك أحد أنه شهيد (قال الشافعي) وأهل الردة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ضربان، منهم قوم اغروا بعد الاسلام مثل طليحة ومسيلمة والعنسي وأصحابهم ومنهم قوم تمسكوا بالاسلام ومنعوا الصدقات فإن قال قائل ما دل على ذلك والعامة تقول لهم أهل الردة؟ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: فهو لسان عربي فالردة الارتداد عما كانوا عليه بالكفر والارتداد بمنع الحق قال ومن رجع عن شئ جاز أن يقال ارتد عن كذا وقول عمر لأبي بكر أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا