له: لم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بصير من وليه حين جاءاه فذهبا به فقتل أحدهما وهرب الآخر منه فلم ينكر ذلك عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بل قال قولا يشبه التحسين له ولا حرج عليه في الايمان لأنها ايمان مكره وحرام على الإمام أن يرده إليهم (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: ولو أراد هو الرجوع حبسه، وكذلك حرام على الإمام أن يأخذ منه شيئا لهم مما صالحهم عليه، وكذلك إن أعطاهم هذا في عبد له أو متاع غلبوا عليه لم يكن للإمام أن يأخذ منه الشئ (1) يعطونه إياه فيأخذه الإمام برد السلف أو مثله أو قيمته إن لم يكن له مثل، ولو أعطوه إياه بيعا فهو بالخيار بين أن يرده إليهم إن لم يكن تغير أو يعطيهم قيمته أو الثمن لأنه مكره حين اشتراه وهو أسير فلا يلزمه ما اشترى وللإمام أن يعطيهم منه ما وجب لهم عليه بما اشتراه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وبهذا قلنا لو أعطى الإمام قوما من المشركين الأمان على أسير في أيديهم من المسلمين ثم جاءوه لم يحل له إلا نزعة من أيديهم بلا عوض لما وصفت من خلاف حال الأسير وأموال المسلمين في أيدي المشركين (2) ما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية من رد رجالهم الذين هم أبناؤهم وإخوانهم وعشائرهم الممنوعين منهم ومن غيرهم أن ينالوا بتلف. فإن ذهب ذاهب إلى رد أبى جندل بن سهيل إلى أبيه وعياش بن أبي ربيعة إلى أهله بما أعطاهم قيل له آباؤهم وأهلوهم أشفق الناس عليهم وأحرص على سلامتهم وأهلهم كانوا سيقونهم بأنفسهم مما يؤذيهم فضلا عن أن يكونوا متهمين على أن ينالوهم بتلف أو أمر لا يحملونه من عذاب وإنما نقموا منهم خلافهم دينهم ودين آبائهم فكانوا يتشددون عليهم ليتركوا دين الاسلام وقد وضع الله عز وجل عنهم المأثم في الاكراه فقال " إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان " ومن أسر مسلما من غير قبيلته وقرابته فقد يقتله بألوان القتل ويبلوه بالجوع والجهد، وليس حالهم واحدة ويقال له أيضا ألا ترى أن الله عز وجل نقض الصلح في النساء إذا كن إذا أريد بهن الفتنة ضعفن عند عرضها عليهن ولم يفهمن فهم الرجال أن التقية تسعهن في إظهار ما أراد المشركون من القول وكان فيهن أن يصيبهن أزواجهن وهن حرام فأسرى المسلمين في أكثر من هذا الحال إلا أن الرجال ليس ممن ينكح وربما كان في المشركين من يفعل فيما بلغنا، والله سبحانه وتعالى أعلم.
جماع الصلح في المؤمنات (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: قال الله عز وجل " إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن " قرأ الربيع الآية (قال الشافعي) وكان بينا في الآية منع المؤمنات المهاجرات من أن يرددن إلى دار الكفر وقطع العصمة بالاسلام بينهن وبين أزواجهن، ودلت السنة على أن قطع العصمة إذا انقضت عددهن ولم يسلم أزواجهن من المشركين وكان بينا فيها أن يرد على الأزواج نفقاتهم ومعقول فيها أن نفقاتهم التي ترد نفقات اللائي ملكوا عقدهن وهي المهور إذا كانوا قد أعطوهن إياها، وبين أن الأزواج الذين يعطون النفقات لأنهم الممنوعون من نسائهم وأن نساءهم المأذون للمسلمين بأن ينكحوهن إذا آتوهن أجورهن لأنه لا إشكال عليهم في أن ينكحوا غير ذوات الأزواج إنما كان الاشكال في نكاح ذوات