خمسه " الآية فاتفق الحكمان في سورة الحشر وسورة الأنفال لقوم موصوفين وإنما لهم من ذلك الخمس لا غيره فقال فيحتمل أن يكون لهم مما لم يوجف عليه الكل؟ قلت نعم فلهم الكل وندع الخبر قال لا يجوز عندنا ترك الخبر والخبر يدل على معنى الخاص والعام فقال لي قائل غيره فكيف زعمت أن الخمس ثابت في الجزية وما أخذه الولاة من مشرك بوجه من الوجوه فذكرت له الآية في الحشر قال فأولئك أوجف عليهم بلا خيل ولا ركاب فأعطوه بشئ ألقاه الله عز وجل في قلوبهم (1) قلت أرأيت الجزية التي أعطاها من أوجف عليه بلا خيل ولا ركاب لما كان أصل إعطائها منهم للخوف من الغلبة وقد سير إليهم بالخيل والركاب فأعطوا فيها أهي أقرب من الايجاف أم من أعطى بأمر لم يسير إليه بالخيل والركاب؟ قال نعم قلت فإذا كان حكم الله فيما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب حتى يكون مأخوذا مثل صلح لا مثل ما أوجف عليه بغير صلح أن يكون لمن سمى كيف لم تكن الجزية وما أخذه الولاة من مشرك بهذه الحال؟ قال فهل من دلالة غير هذا؟ قلت في هذا كفاية وفى أن أصل ما قسم الله من المال ثلاثة وجوه الصدقات وهي ما أخذ من مسلم فتلك لأهل الصدقات لا لأهل الفئ وما غنم بالخيل والركاب فتلك على ما قسم الله عز وجل والفئ الذي لا يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهل تعلم رابعا؟ قال لا قلت فبهذا قلنا الخمس ثابت لأهله في كل ما أخذ من مشرك لأنه لا يعدو ما أخذ منه أبدا أن يكون غنيمة أو فيئا والفئ ما رده الله تعالى على أهل دينه.
كيف يفرق ما أخذ من الأربعة الأخماس الفئ غير الموجف عليه (قال الشافعي) رحمه الله تعالى وينبغي للإمام أن يحصى جميع ما في البلدان من المقاتلة وهم من قد احتلم أو قد استكمل خمس عشرة من الرجال ويحصى الذرية وهم من دون المحتلم ودون خمس عشرة سنة والنساء صغيرهن وكبيرهن ويعرف قدر نفقاتهم وما يحتاجون إليه في مؤناتهم بقدر معاش مثلهم في بلدانهم ثم يعطى المقاتلة في كل عام عطاءهم والذرية ما يكفيهم لسنتهم من كسوتهم ونفقتهم طعاما أو قيمته دراهم أو دنانير ويعطى المنفوس شيئا ثم يزاد كلما كبر على قدر مؤنته وهذا يستوى في أنهم يعطون الكفاية ويختلف في مبلغ العطايا باختلاف أسعار البلدان وحالات الناس فيها فإن المؤنة في بعض البلدان أثقل منها في بعض ولم أعلم أصحابنا اختلفوا في أن العطاء للمقاتلة حيث كانت إنما يكون من الفئ وقالوا في إعطاء الرجل نفسه لا بأس أن يعطى لنفسه أكثر من كفايته وذلك أن عمر بلغ بالعطاء خمسة آلاف وهي أكثر من كفاية الرجل نفسه ومنهم من قال خمسة آلاف بالمدينة لرجل يغزى إذا غزا ليست بأكثر من الكفاية إذا غزا عليها لبعد المغزى وقال هي كالكفاية على أنه يغزى وإن لم يغز في كل سنة وقالوا ويفرض لمن هو أقرب للجهاد أو أرخص سعر بلد أقل ولم يختلف أحد لقيته في أن ليس للمماليك في العطاء ولا للاغراب الذين هم أهل الصدقة واختلفوا في التفضيل على السابقة والنسب فمنهم من قال أساوي بين الناس ولا أفضل على نسب ولا سابقة وإن أبا بكر حين قال له عمر أتجعل الذين جاهدوا في الله بأموالهم وأنفسهم وهجروا ديارهم له كمن إنما دخل في الاسلام كرها؟
فقال أبو بكر إنما عملوا لله وإنما أجورهم على الله عز وجل وإنما الدنيا بلاغ وخير البلاغ أو سعه وسوى