وإذا دخل قوم من المشركين بتجارة ظاهرين فلا سبيل عليهم لأن حال هؤلاء حال من لم يزل يؤمن من التجار وإذا دخل الحربي دار الاسلام مشركا ثم أسلم قبل يؤخذ فلا سبيل عليه ولا على ماله ولو كان جماعة من أهل الحرب ففعلوا هذا كان هذا هكذا ولو قاتلوا ثم أسروا فأسلموا بعد الأسئار فهم فئ وأموالهم ولا سبيل على دمائهم للاسلام فإذا كان هذا ببلاد الحرب فأسلم رجل في أي حال ما أسلم فيها قبل أن يؤسر أحرز له إسلامه دمه ولم يكن عليه رق وهكذا إن صلى فالصلاة من الايمان أمسك عنه فإن زعم أنه مؤمن فقد أحرز ماله ونفسه وإن زعم أنه صلى صلاته وأنه على غير الايمان كان فيئا إن شاء الإمام قتله وحكمه حكم أسرى المشركين.
الحربي إذا لجأ إلى الحرم (قال الشافعي) رضي الله عنه: ولو أن قوما من أهل دار الحرب لجئوا إلى الحرم فكانوا ممتنعين فيه أخذوا كما يؤخذون في غير الحرم فنحكم فيهم من القتل وغيره كما نحكم فيمن كان في غير الحرم فإن قال قائل وكيف زعمت أن الحرم لا يمنعهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة (هي حرام بحرمة الله لم تحلل لاحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي ولم تحلل لي إلا ساعة من نهار) وهي ساعتها هذه محرمة؟ قيل إنما معنى ذلك والله أعلم أنها لم تحلل أن ينصب عليها الحرب حتى تكون كغيرها فإن قال ما دل على ما وصفت؟ قيل أمر النبي صلى الله عليه وسلم عندما قتل عاصم بن ثابت وخبيب (1) وابن حسان بقتل أبي سفيان في داره بمكة غيلة إن قدر عليه. وهذا في الوقت الذي كانت فيه محرمة فدل على أنها لا تمنع أحدا من شئ وجب عليه وأنها إنما يمنع أن ينصب عليها الحرب كما ينصب على غيرها والله أعلم.
الحربي يدخل دار الاسلام بأمان ويشترى عبدا مسلما (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: وإذا دخل الحربي دار الاسلام بأمان فاشترى عبدا مسلما فلا يجوز فيه إلا واحد من قولين أن يكون الشراء مفسوخا وأن يكون على ملك صاحبه الأول أو يكون الشراء جائزا وعليه أن يبيعه فإن لم يظهر عليه حتى يهرب به إلى دار الحرب ثم أسلم عليه فهو له إن باعه أو وهبه فبيعه وهبته جائزة ولا يكون حرا بإدخاله إياه دار الحرب ولا يعتق بالاسلام إلا في موضع وهو أن يخرج من بلاد الحرب مسلما كما أعتق النبي صلى الله عليه وسلم من خرج من حصن ثقيف مسلما. فإن قال قائل أفرأيت إن ذهبنا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أعتقهم بالاسلام دون الخروج من بلاد الحرب قيل له قد جاء النبي صلى الله عليه وسلم عبد مسلم ثم جاءه سيده يطلبه فاشتراه النبي صلى الله عليه وسلم منه بعبدين ولو كان ذلك يعتقه لم يشتر منه حرا ولم يعتقه هو بعد ولكنه أسلم غير خارج من بلاد منصوب عليها حرب.