وكذلك لو وصى أن يشترى به خمرا أو خنازير فيتصدق بها أو أوصى بخنازير له أو خمرا أبطلنا الوصية في هذا كله، ولو أوصى أن تبنى كنيسة ينزلها مار الطريق أو وقفها على قوم يسكنونها أو جعل كراءها للنصارى أو للمساكين جازت الوصية وليس في بنيان الكنيسة معصية إلا أن تتخذ لمصلى النصارى الذين اجتماعهم فيها على الشرك وأكره للمسلم أن يعمل بناء أو نجارة أو غيره في كنائسهم التي لصلواتهم، ولو أوصى أن يعطى الرهبان والشمامسة ثلثه جازت الوصية لأنه قد تجوز الصدقة على هؤلاء، ولو أوصى أن يكتب بثلثه الإنجيل والتوراة لدرس لم تجز الوصية لأن الله عز وجل قد ذكر تبديلهم منها فقال (الذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله) وقال (وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب) قرأ الربيع الآية ولو أوصى أن يكتب به كتب طب فتكون صدقة جازت له الوصية ولو أوصى أن تكتب به كتب سحر لم يجز. ولو أوصى أن يشترى بثلثه سلاحا للمسلمين جاز ولو أوصى أن يشترى به سلاحا للعدو من المشركين لم يجز، ولو أوصى بثلثه لبعض أهل الحرب جاز لأنه لم يحرم أن يعطوا مالا وكذلك لو أوصى أن يفتدى منه أسير في أيدي المسلمين من أهل الحرب قال:
ومن استعدى على ذمي أو مستأمن أعدى عليه وإن لم يرض ذلك المستعدى عليه إذا استعدى عليه في شئ فيه حق للمستعدى وإن جاءنا محتسب من المسلمين أو غيرهم يذكر أن الذميين يعملون فيما بينهم أعمالا من رباء لم نكشفهم عنها لأن ما أقررناهم عليه من الشرك أعظم ما لم يكن لها طالب يستحقها وكذلك لا يكشفون عما استحلوا من نكاح المحارم فإن جاءتنا محرم للرجل قد نكحته فسخنا النكاح فإن جاءتنا امرأة نكحها على أربع أجبرناه بأن يختار أربعا ويفارق سائرهن وإن لم تأتنا لم نكشفه عن ذلك فإن قال قائل فقد كتب عمر يفرق بين كل ذي محرم من المجوس فقد يحتمل أن يفرق إذا طلبت ذلك المرأة أو وليها أو طلبه الزوج ليسقط عنه مهرها وتركنا لهم على الشرك أعظم من تركنا لهم على نكاح ذات محرم وجمع أكثر من أربع ما لم يأتونا فإن جاءنا منهم مسروق بسارق قطعناه له وإن جاءنا منهم سارق قد استعبده مسروق بحكم له أبطلنا العبودية عنه وحكمنا عليه حكمنا على السارق قال:
وللنصراني الشفعة على المسلم وللمسلم الشفعة عليه ولا يمنع النصراني أن يشترى من مسلم ماشية فيها صدقة ولا أرض زرع ولا نخلا وإن أبطل ذلك الصدقة فيها كما لا يمنع الرجل المسلم أن يبيع ذلك مفرقا من جماعة فتسقط فيه الصدقة قال: ولا يكون لذمي أن يحيى مواتا من بلاد المسلمين فإن أحياها لم تكن له بإحيائها وقيل له خذ عمارتها وإن كان ذلك فيها والأرض للمسلمين لأن إحياء الموات فضل من الله تعالى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لم أحياه ولم يكن له قبل يحييه كالفئ وإنما جعل الله تعالى الفئ وملك ما لا مالك له لأهل دينه لا لغيرهم.
كتاب قتال أهل البغى وأهل الردة باب فيمن يجب قتاله من أهل البغى (أخبرنا الربيع بن سليمان) قال (قال الشافعي) رحمه الله تعالى قال الله تبارك وتعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغى حتى تفئ إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل واقسطوا إن الله يحب المقسطين) (قال الشافعي) رحمه الله تعالى فذكر الله عز وجل اقتتال الطائفتين والطائفتان الممتنعتان الجماعتان كل واحدة تمتنع أشد الامتناع أو