رسول الله صلى الله عليه وسلم (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب) قرأ إلى (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين) فوصف إخرابهم منازلهم بأيديهم وإخراب المؤمنين بيوتهم ووصفه إياه جل ثناؤه كالرضا به وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع نخل من ألوان نخلهم فأنزل الله تبارك وتعالى رضا بما صنعوا من قطع نخيلهم (ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين) فرضى القطع وأباح الترك فالقطع والترك موجودان في الكتاب والسنة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بنى النضير وترك وقطع نخل غيرهم وترك وممن غزا من لم يقطع نخله (قال الشافعي) أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عبقة عن نافع عن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بن النضير (قال الشافعي) أخبرنا إبراهيم ابن سعد بن إبراهيم عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرق أموال بنى النضير فقال قائل:
وهان على سراة بنى لؤي * حريق بالبويرة مستطير فإن قال قائل ولعل النبي صلى الله عليه وسلم حرق مال بنى النضير ثم ترك قيل على معنى ما أنزل الله عز وجل قد قطع وحرق بخيبر وهي بعد النضير وحرق بالطائف وهي آخر غزاة قاتل بها وأمر أسامة بن زيد أن يحرق على أهل أبنى (قال الشافعي) رحمه الله تعالى أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن جعفر الأزهري قال سمعت ابن شهاب يحدث عن عروة عن أسامة بن زيد قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغزو صباحا على أهل أبنى وأحرق.
الخلاف في التحريق قلت للشافعي رحمه الله تعالى: فهل خالف ما قلت في هذا أحد؟ فقال نعم بعض إخواننا من مفتى الشاميين فقلت إلى أي شئ ء ذهبوا؟ قال إلى أنهم رووا عن أبي بكر أنه نهى أن يخرب عامر وأن يقطع شجر مثمر فيها فيما نهى عنه قلت فما الحجة عليه؟ قال ما وصفت من الكتاب والسنة فقلت علام تعد نهى أبى بكر عن ذلك؟ فقال الله تعالى أعلم أما الظن به فإنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يذكر فتح الشام فكان على يقين منه فأمر بترك تخريب العامر وقطع المثمر ليكون للمسلمين لا لأنه رآه محرما لأنه قد حضر مع النبي صلى الله عليه وسلم تحريقه بالنضير وخيبر والطائف فلعلهم أنزلوه على غير ما أنزله عليه والحجة فيما أنزل الله عز وجل في صنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكل شئ في وصية أبى بكر سوى هذا فيه نأخذ.
ذوات الأرواح قلت للشافعي رحمه الله تعالى أفرأيت ما ظفر المسلمون به من ذوات الأرواح من أموال المشركين من الخيل والنحل وغيرها من الماشية فقدروا على إتلافه قبل أن يغنموه أو غنموه فأدركهم العدو فخافوا أن يستنقذوه منهم ويقووا به على المسلمين أيجوز لهم إتلافه بذبح أو عقر أو تحريق أو تغريق في شئ من الأحوال؟ (قال الشافعي) رحمه الله تعالى لا يحل عندي أو يقصد قصده بشئ يتلفه إذا كان لا