الضيافة مع الجزية (قال الشافعي) رحمه الله تعالى: لست أثبت من جعل عمر عليه الضيافة ثلاثا ولا من جعل عليه يوما وليلة ولا من جعل عليه الجزية ولم يسم عليه ضيافة بخبر عامة ولا خاصة يثبت ولا أحد الذين ولوا الصلح عليها بأعيانهم لأنهم قد ماتوا كلهم وأي قوم من أهل الذمة اليوم أقروا أو قامت على أسلافهم بينة بأن صلحهم كان على ضيافة معلومة وأنهم رضوها بأعيانهم ألزموها ولا يكون رضاهم الذي ألزموه إلا بأن يقولوا صالحنا على أن نعطى كذا ونضيف كذا وإن قالوا أضفنا تطوعا بلا صلح لم ألزمهموه وأحلفهم ما ضيفوا على إقرار بصلح وكذلك إن أعطوا كثيرا أحلفتهم ما أعطوه على إقرار بصلح فإذا حلفوا جعلتهم كقوم ابتدأت أمرهم الآن فإن أعطوا أقل الجزية وهو دينار قبلته وإن أبوا نبذت إليهم وحاربتهم وأيهم أقر بشئ في صلحه وأنكره منهم غيره ألزمته ما أقر به ولم أجعل إقراره لازما لغيره إلا بأن يقولوا صلحنا على أن نعطى كذا ونضيف كذا فأما إذا قالوا أضفنا تطوعا بلا صلح فلا ألزمهموه قال ويأخذهم الإمام بعلمه وإقرارهم وبالبينة إن قامت عليهم من المسلمين ولا نجيز شهادة بعضهم على بعض وكذلك نصنع في كل أمر غير مؤقت مما صالحوا عليه وفى كل مؤقت لم يعرفه أهل الذمة بالاقرار به وإذا أقر قوم منهم بشئ يجوز للوالي أخذه ألزمهموه ما حيوا وأقاموا في دار الاسلام وإذا صالحوا على شئ أكثر من دينار ثم أرادوا أن يمتنعوا إلا من أداء دينار ألزمهم ما صالحوا عليه كاملا فإن امتنعوا منه حاربهم فإن دعوا قبل أن يظهر على أموالهم وتسبى ذراريهم إلى أن يعطوا الإمام الجزية دينارا لم يكن للإمام أن يمتنع منهم وجعلهم كقوم ابتدأ محاربتهم فدعوه إلى الجزية أو قوم دعوه إلى الجزية بلا حرب فإذا أقر منهم قرن بشئ صالحوا عليه ألزمهموه فإن كان فيهم غائب لم يحضر لم يلزمه وإذا حضر ألزم ما أقر به مما يجوز الصلح عليه وإذا نشأ أبناؤهم فبلغوا الحلم أو استكملوا خمس عشرة سنة فلم يقروا بما أقر به آباؤهم قيل إن أديتم الجزية وإلا حاربناكم فإن عرضوا أقل الجزية وقد أعطى آباؤهم أكثر منها لم يكن لنا أن نقاتلهم إذا أعطوا أقل الجزية ولا يحرم علينا أن يعطونا أكثر مما يعطينا آباؤهم ولا يكون صلح الآباء صلحا على الأبناء إلا ما كانوا صغارا لا جزية عليهم أو نساء لا جزية عليهن أو معتوهين لا جزية عليهم فأما من لم يجز لنا إقراره في بلاد الاسلام إلا على أخذ الجزية منه فلا يكون صلح أبيه ولا غيره صلحا عنه إلا برضاه بعد البلوغ ومن كان سفيها بالغا محجورا عليه منهم صالح عن نفسه بأمر وليه فإن لم يفعل وليه وهو معا حورب فإن غاب وليه جعل له السلطان وليا يصالح عنه فإن أبى المحجور عليه الصلح حاربه وإن أبى وليه وقبل المحجور عليه جبر وليه أن يدفع الجزية عنه لأنها لازمة إذا أقر بها لأنها من معنى النظر له لئلا يقتل ويؤخذ ما له فيئا وإذا كان هذا هكذا وكان من صالحهم ممن مضى من الأئمة بأعيانهم قد ماتوا فحق الإمام أن يبعث أمناء فيجمعون البالغين من أهل الذمة في كل بلد ثم يسألونهم عن صلحهم فما أقروا به مما هو أزيد من أقل الجزية قبله منهم إلا أن تقوم عليهم بينة بأكثر منه ما لم ينقضوا العهد فيلزمه منهم من قامت عليه بينة ويسأل عمن نشأ منهم فمن بلغ عرض عليه قبول ما صالحوا عليه فإن فعل قبله منه وإن امتنع إلا من أقل الجزية قبل منه بعد أن يجتهد بالكلام على استزادته ويقول هذا صلح أصحابك فلا تمتنع منه ويستظهر بالاستعانة بأصحابه عليه وإن أبى إلا أقل الجزية قبله منه فإن اتهم أن يكون أحد منهم بلغ ولم يقر عنده بأن قد استكمل خمس عشرة سنة أو قد احتلم ولم يقم بذلك عليه بينة مسلمون أقل من يقبل في ذلك شاهدان عدلان كشفه كما كشف رسول
(٢١٤)