[المسألة 47:] الاستطاعة للحج هي أن يكون المكلف مالكا لأعيان الزاد والراحلة التي يحتاج إليها في سفره إلى الحج، أو يكون واجدا للنقود التي ينفقها في تحصيل ما يحتاج إليه منها، أو يكون مالكا لأموال أخرى يمكنه بيعها وصرف أثمانها في شراء تلك الأعيان أو استئجارها، وقد سبق بيان جميع هذا مفصلا، وذكرنا أن الأدلة المعتبرة قد أوضحت كذلك أن الاستطاعة للحج هي السعة في المال أو القوة واليسار فيه، ومقتضى وصف الاستطاعة بذلك أن المملوكات والأموال التي يجب بيعها وصرف أثمانها في الحج، لا تشمل الأشياء الضرورية للمكلف، والتي يحتاج إليها في إدارة معيشته، وتدبير شؤونه في حياته، فلا تباع في ذلك الدار التي يحتاج إليها لسكناه وسكنى عياله، والتي تليق به بحسب شرفه ومنزلته في المجتمع بنوعها وعددها، فإن كثيرا من الناس يحتاج في إسكان أهله إلى أكثر من دار واحدة، ولا يباع أثاث منزله ولوازم بيته من فرش وأدوات وأوان وآلات، وأرائك وأسرة، ووسائل يحتاج إليها في تنظيم أموره وترتيب مسكنه وراحته وراحة أهله وضيوفه، ولا تباع ثيابه التي يتجمل بها بين الناس أو التي يلبسها في أوقات راحته أو أوقات عمله، ولا تباع كتب العلم الديني إذا كان من أهل ذلك وكانت الكتب موضع حاجته، ولا تباع آلات صنعته التي يفتقر إليها في معاشه، ومنها كتب العلم التي تتعلق بصناعته ككتب الطب للطبيب وكتب الهندسة للمهندس ونحوها، ولا تباع دابته أو فرسه أو سيارته التي لا بد له منها في تنقلاته وحركاته، وغير ذلك من الأمور التي يقع في الضيق والحرج والعسر في حياته بدونها.
(٢٩)