من مكة بالحج كما بينا في بعض المسائل المتقدمة، ويكفي في جواز ذلك أن تعرض له حاجة عادية لمثله تدعوه إليه ولا يشترط أن تكون ضرورة لا بد منها أو يكون فقدها موجبا للعسر أو الحرج.
فإذا أحل المقاول مثلا من عمرة التمتع ودعته الحاجة الطارئة إلى الخروج إلى منى أو إلى المشعر أو إلى عرفات لارتياد أمكنة لحجاجه ونصب خيام لهم، جاز له أن يخرج لذلك بعد أن يحرم بالحج، وكذلك إذا عرضت له الحاجة أن يخرج إلى جدة لاستقبال الحجاج، أو أن يسافر إلى المدينة لترحيلهم إلى مكة، أو تيسير أمر سفرهم واحرامهم، وإن كان له من ينوب عنه في ذلك.
وهذا كله إذا عرضت له الحاجة بعد احلاله من العمرة ولم يكن يعلم بها قبل اعتماره، وإذا علم قبل احرامه بعمرة التمتع بأنه يحتاج إلى الخروج من مكة بعد العمرة أشكل الحكم لذلك.
ويمكن للمقاول وشبهه إذا كان يعلم قبل الاعتمار بأن الحاجة تدعوه إلى الخروج بعد عمرته، أن يحرم أولا بعمرة مفردة يدخل بها إلى مكة، ثم يخرج بعد الاحلال منها إلى حوائجه، فإذا أنجزها عاد إلى مكة، وإذا فرغ خرج إلى الميقات وأحرم بعمرة التمتع وخرج بعدها إلى الحج.
[المسألة 443:] إنما يجوز للمتمتع أن يخرج من مكة بعد احلاله من العمرة، لطروء الحاجة الداعية إلى ذلك إلى لم يخف فوات الحج بخروجه، فيحرم بالحج ويخرج لحاجته محرما كما تكرر ذكره، وإذا خاف فوات الحج بذلك لم يجز له، ولا يجوز لمن تمتع بالعمرة إلى الحج أن يترك الحج اختيارا، أو يفعل ما يؤدي إلى تركه، وإن كان الحج مندوبا.