فقد روي عن أبي بصير أنه سأل الصادق (ع) عن المشي أفضل أو الركوب، فقال (ع): (إذا كان الرجل موسرا، فمشى ليكون أقل لنفقته فالركوب أفضل)، ومن البين إن المشي بهذا القصد لا رجحان فيه أصلا، فإذا نذر الانسان المشي لهذه الغاية أشكل الحكم بانعقاد نذره، بل الوجه عدم الصحة.
[المسألة 367:] قد يبدو للانسان أن يحج ماشيا لتكون نفقته أقل من نفقة الحج راكبا كما تقدم في رواية أبي بصير، فينذر أن يحج كذلك لهذه الغاية، وقد ذكرنا أن المشي في مثل هذا الفرض لا رجحان فيه أصلا، ويظهر من بعض العلماء إن ذلك من النذر الصحيح، فإن الناذر إنما ينذر فردا من أفراد العبادة الصحيحة، فيكفيه في صحة نذره رجحان أصل الحج وإن لم يكن القيد الذي قيد به النذر وهو المشي راجحا لتلك الغاية التي لاحظها.
ولا ريب في صحة النذر إذا تعلق بفرد من أفراد العبادة وكان الفرد من الأفراد المتعارفة لتلك العبادة، وإن لم يشتمل على مزية تزيد على أصل العبادة في الرجحان، كما إذا نذر المكلف أن يحج راكبا، أو نذر أن يحج مع أول قافلة تسير من البلد، وقد تقدم في المسألة الثلاثمائة والثانية والأربعين وما بعدها حكم ما إذا نذر الانسان أن يحج البيت من مكان خاص يعينه في نذره وما يتفرع على ذلك ويتصل به، ولا أظن أن التعميم للأفراد المرجوحة من العبادة أو التي لا رجحان فيها أصلا لبعض الجهات التي توجب النقصان فيها عن الأفراد المتعارفة مما يمكن الالتزام به كما يراه ذلك البعض من العلماء، فيحكم بانعقاد النذر وبوجوب الوفاء به إذا نذر مثلا أن يحج وهو مكتوف اليدين بعد الاحرام وفي المواقف وعند الاتيان بالأعمال، ويلزمه الوفاء إذا نذر أن يحج في سيارة