تدوين السنة فمنعهم مع علمه بقول النبي (ص): (اكتبوا لأبي شاة) وقوله (قيدوا العلم بالكتابة).
فلو ترك الصحابة يدون كل واحد منهم ما سمع من النبي لانضبطت السنة، فلم يبق بين آخر الأمة وبين النبي إلا الصحابي الذي دونت روايته، لأن تلك الدواوين كانت تتواتر عنهم كما تتواتر عن البخاري. انتهى.
والأغرب من كل هذا ما ذكره ابن كثير في تاريخه، وهو: أن شهاب الدين أحمد المعروف بابن عبد ربه مؤلف (العقد الفريد) كان من الشيعة، بل إن فيه تشيعا شنيعا، وذلك لأنه روى أخبار خالد القسري وما هو عليه من سوء الحال.
ونص الكلام هو:
وقد نسب إليه - أي خالد - أشياء لا تصح، لأن صاحب العقد الفريد كان فيه تشيع شنيع ومغالاة في أهل البيت، وربما لا يفهم أحد كلامه ما فيه من التشيع، وقد اغتر به شيخنا الذهبي فمدحه بالحفظ وغيره (1).
حتى وصل الأمر أن يقال إن شخصية جابر بن حيان هي شخصية أسطورية، وذلك لثبوت أخذ ابن حيان علم الكيمياء عن جعفر الصادق (2).
قال الرياشي: سمعت محمد بن عبد الحميد قال: قلت لابن أبي حفصة:
ما أغراك ببني علي؟
قال: ما أحد أحب إلي منهم، ولكن لم أجد شيئا أنفع عند القوم منه، أي من بغضهم والتحامل عليهم (3).
وابن أبي حفصة هو الذي تحامل على آل علي عند المهدي، فتزاحف المهدي من مصلاه حتى صار على البساط، إعجابا بما سمع، وقال: كم بيتا هي؟
قال: مائة بيت، فأمر له بمائة ألف درهم!
نعم، إن الفطرة قد تسوق الإنسان لقول الحق، لكن يستتبع ذلك اتهام الرفض