وكان النهجان على تضاد، فالحكام لا يسمحون لهؤلاء في التحدث بكلام الرسول، لأن فيه توعية الناس ووقوفهم على الاجتهادات الخاطئة، أما أولئك كانوا يحدثون الناس رغم كل الضغوط والملابسات!
فقد جاء في سنن الدارمي:
إن رجلا جاء إلى أبي ذر، وقال له: ألم تنه عن الفتيا؟
فرفع رأسه، فقال: أرقيب [أنت] علي؟.. لو وضعتم الصمصامة على هذه - وأشار إلى قفاه - ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله (ص) قبل أن تجيزوه علي، لأنفذتها (1).
وقال معاوية: ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله (ص) أحاديث قد كنا نشهده، ونصحبه فلم نسمعها منه.. فقام عبادة بن الصامت وعارضه (2).
لقد كان معاوية يريد التشكيك بحجية أحاديث هؤلاء الرجال - ليبقى هذا التشكيك على مدى الأجيال - إلا أن موقف عبادة بن الصامت ومعارضته إياه قد ذهبت بجهود معاوية سدى!
تبين وفق ما قلناه أن الحكام لما رأوا منافسيهم يتسلحون بسلاح الحديث، ناوروهم بالدخول إليهم من تلك الزاوية ومن ذلك المنفذ، وقد نجحوا في ذلك إلى حد بعيد..! فأدخلوا في الحديث ما لا يحصى من الموضوعات، وقربوا القصاصين ليرووا ما يحلوا لهم.
فقد ذكر ابن حجر: أن معاوية بن أبي سفيان كلف كعب الأحبار لأن يقص بالشام.
قال الشيخ أبو جعفر الإسكافي: إن معاوية وضع قوما من الصحابة وقوما من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل