قال: أليس ضيعتم ما ضيعتم فيها (1)!
ولماذا نرى العبادة في هذا العهد جسدا بلا روح، وقالبا بلا محتوى؟!
فقد أخرج البخاري، عن الأعمش، قال: سمعت سالما قال: سمعت أم الدرداء تقول: دخل علي أبو الدرداء، وهو مغضب، قلت: ما أغضبك؟
فقال: والله! ما أعرف من أمة محمد (ص) إلا أنهم يصلون جميعا (2).
وهل تطمئن نفوسنا بعد هذا إلى أحاديث أمثال هؤلاء الحكام واجتهادات الحجاج وفتاوى عبد الملك و.. بعد أن عرفنا مواقفهم من الشريعة؟
عجبا لدوران الزمان!.. إذ كيف صار هؤلاء حكاما حتى يتصدروا للقضاء والإفتاء، بعد أن جذبوا إليهم من وعاظ السلاطين ذلك العدد الذي تمكنوا من خلاله من أن يقولوا كل ما يريدون!!
قال سعيد بن جبير: كان رجاء بن حياة يعد من أفقه فقهاء الشام، ولكن كنت إذا حركته، وجدته شاميا يقول: قضى عبد الملك بن مروان بكذا وكذا (3).
وأحسبك - بعد هذا - قد عرفت عبد الملك، وعرفت موقفه من الشريعة.
وأضيف لك أنه هو الذي بنى القبة فوق الصخرة والجامع الأقصى، وجعلها بمثابة الكعبة يطوفون حولها، وينحرون يوم العيد، ويحلقون رؤوسهم... وذلك بعد أن صاح الناس به، حينما منع ابن الزبير من حج بيت الله (4)!
وهو الذي نفذ آراءه بالقوة والقائل: إنه كان قبلي من الخلفاء يأكلون ويؤكلون، وإني والله لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف، ولست بالخليفة المستضعف -