مع أن معهودية كون شأن القضاء لأشخاص معينين وهم فقهاء الفريقين، يمنع عن الاطلاق، وعلى فرض الاطلاق يقيد بمثل المقبولة.
وجه آخر لجواز الرجوع إلى المقلد وجوابه وقد يستدل لجواز الرجوع إلى المقلد: بأن الاجتهاد بهذا المعنى المتعارف في زماننا، لم يكن في الصدر الأول، بل المحدثون فيه مثل المقلدين الآخذين أحكام الله من الفقهاء، فقوله في المقبولة: (ممن روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا) (1)، ليس المراد منه المجتهد، أي من له قوة الاستنباط بالمعنى المعهود في أعصارنا، لعدم وجوده في زمان الأئمة (عليهم السلام) بل المراد منه من علم الأحكام بأخذ المسائل من الإمام أو الفقيه، كما كان كذلك في تلك الأزمنة (2).
وفيه: إنا لا ندعي أن المناط في الفقيه المنصوب في المقبولة، هو واجديته لقوة الاستنباط، ورد الفرع إلى الأصل بالنحو المتعارف في زماننا.
بل نقول: إن الموضوع هو من يتصف بما فيها، من كونه ممن روى حديثهم، ونظر في حلالهم وحرامهم، وعرف أحكامهم، على نحو ما حررناه في فقه الحديث (3)، وهو صادق على المحدثين والفقهاء في العصر الأول من أصحاب