كما لا إشكال في أن التقليد - أي الأخذ بقول الغير، ومتابعة رأيه في العمل - عمل بغير العلم، سواء كان دليله بناء العقلاء كما سنتعرض له (1)، أو التعبد الشرعي من إجماع أو غيره.
وقد خرج من الأصل تقليد الفاضل إجماعا (2)، بل ضرورة، لوضوح عدم كون الناس كلهم مكلفين بتحصيل العلم والاجتهاد، وبطلان وجوب العمل بالاحتياط أو التجزي فيه، فلا إشكال في جواز الاكتفاء بتقليد الأعلم، وخروجه عن حرمة العمل بغير العلم، فبقي الرجوع إلى غيره تحت الأصل، ولا بد من خروجه عنه من التماس دليل.
هذا، وأما التمسك بدليل الانسداد بأن يقال: يجب على العامي عقلا العمل بقول الأعلم، وإلا لزم إما إهمال الوقائع، وهو باطل بالضرورة، للعلم الاجمالي بالتكليف.
أو تحصيل العلم حقيقة أو اجتهادا، وهو باطل، للعلم الضروري بعدم وجوبه على الناس، وللزوم اختلال النظام.
وإما الاحتياط، وهو باطل أيضا، للزوم العسر والحرج، بل اختلال النظام.
وإما الأخذ بقول المفضول، وهو باطل، لقبح ترجيح المرجوح على الراجح (3).