الأئمة، كما هو صادق على فقهاء عصرنا، فإنهم مشتركون معهم فيما هو مناط المنصب.
وامتياز المجتهدين في زماننا عنهم، إنما هو في أمر خارج عما يعتبر في المنصب، وهو تحصيل قوة الاستنباط بالمشقة، وبذل الجهد، وتحمل الكلفة في معرفة الأحكام، مما لم يكن فقهاء العصر الأول محتاجين إليه.
فمعرفة الأحكام في العصر الأول كانت سهلة، لعدم الاحتياج إلى كثير من مقدمات الاجتهاد، وعدم الاحتياج إلى التكلف وبذل الجهد، مما نحتاج إليه في هذه الأعصار مما هو غير دخيل في تقوم الموضوع، بل دخيل في تحققه، فقيود الموضوع - وهي ما عينت المقبولة من الأوصاف - كانت حاصلة لهم من غير مشقة، ولفقهائنا مع تحمل المشاق.
وأما المقلد فخارج عن الموضوع رأسا، لعدم صدق الأوصاف عليه، كما أوضحنا سبيله سابقا (1).
هذا مع أن المنصوبين للقضاء من قبل خلفاء الجور والحق، كانوا من الفقهاء الواجدين لقوة الاستنباط، كشريح المنصوب من قبل أمير المؤمنين، وكابن أبي ليلى (2)،