حال بناء العقلاء في تقليد الميت وأما بناء العقلاء، فمحصل الكلام فيه: أنه لا إشكال في عدم التفاوت في ارتكاز العقلاء وحكم العقل، بين فتوى الحي والميت، ضرورة طريقية كل منهما إلى الواقع من غير فرق بينهما.
لكن مجرد ارتكازهم وحكمهم العقلي بعدم الفرق بينهما، لا يكفي في جواز العمل، بل لا بد من إثبات بنائهم على العمل على طبق فتوى الميت كالحي، وتعارفه لديهم، حتى يكون عدم ردع الشارع كاشفا عن إمضائه، وإلا فلو فرض عدم جريان العمل على طبق فتوى الميت - وإن لم يتفاوت في ارتكازهم مع الحي - لا يكون للردع مورد حتى يكشف عدمه عن إمضاء الشارع.
والحاصل: أن جواز الاتكال على الأمارات العقلائية، موقوف على إمضاء الشارع لفظا، أو كشفه عن عدم الردع، وليس ما يدل لفظا عليه، والكشف عن عدم الردع موقوف على جري العقلاء عملا على طبق ارتكازهم، ومع عدمه لا معنى لردع الشارع، ولا يكون سكوته كاشفا عن رضاه.
فحينئذ نقول: لا إشكال في بناء العقلاء على العمل برأي الحي، ويمكن دعوى بنائهم على العمل بما أخذوا من الحي في زمان حياته ثم مات، ضرورة أن الجاهل بعد تعلم ما يحتاج إليه من الحي، يرى نفسه عالما، فلا داعي له في الرجوع إلى الآخر.