لا وجه للاجزاء.
ولا يتعلق بالقطع جعل حتى يتكلم في دلالة دليله على إجزائه عن الواقع، أو بدليته عنه، وإنما هو عذر في صورة ترك المأمور به، فإذا ارتفع العذر يجب عليه الاتيان بالمأمور به في الوقت، وخارجه إن كان له قضاء.
حال الفتوى المستندة إلى الأمارات وإن تبدل من الظن المعتبر، فإن كان مستنده الأمارات كخبر الثقة وغيره، فكذلك إذا كانت الأمارة عقلائية أمضاها الشارع، ضرورة أن العقلاء إنما يعملون على ما عندهم - كخبر الثقة والظواهر - بما أنها كاشفة عن الواقع، وطريق إليه، ومن حيث عدم اعتنائهم باحتمال الخلاف، وإمضاء الشارع هذه الطريقة لا يدل على رفع اليد عن الواقعيات، وتبديل المصاديق الأولية بالمصاديق الثانوية، أو جعل المصاديق الناقصة منزلة التامة.
وربما يقال: إن الشارع إذا أمر بطبيعة كالصلاة، ثم أمر بالعمل بقول الثقة، أو أجاز المأمور بالعمل به، يكون لازمه الأمر أو الإجازة بإتيان المأمور به على طبق ما أدى إليه قول الثقة، ولازم ذلك هو الاجزاء (1). ففي مثل قوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) (2)، يكون أمر بصلاتين إلى غسق الليل