وأبو الجهم يروي عن أبي خديجة، سالم بن مكرم، وهو ثقة، فلا إشكال فيها إلا من جهة الظن بالارسال، ولو ثبت اشتهار العمل بها - كما سميت مشهورة (1) - فيجبر ضعفها من جهته.
قال: بعثني أبو عبد الله إلى أصحابنا فقال: (قل لهم إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تدارى في شئ من الأخذ والعطاء، أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق، اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا، فإني قد جعلته عليكم قاضيا، وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر) (2).
دلت على جعله منصب القضاء لرجل عارف بحلالهم وحرامهم، وتقريب الدلالة يظهر مما مر في المقبولة، إلا أنها أظهر دلالة من المشهورة بجهات، كما أن المستفاد منها جعل الحكومة مطلقا للفقيه، دون هذه.
بل يمكن أن يقال: بدلالتها على الحكومة أيضا، فإن صدرها عام في مطلق الخصومات، سواء كانت راجعة إلى القضاة أو إلى الولاة، والقاضي أعم لغة (3) وعرفا عاما من الاصطلاحي، وذيلها يؤكد التعميم، فإن التخاصم إلى السلطان ليس في الأمور القضائية، بحسب التعارف في جميع الأزمنة، ولا سيما