الاجتهاد والتقليد - السيد الخميني - الصفحة ٣٩
والولاية له في الجملة، وبيان حدودها ومتفرعاتها موكول إلى محل آخر.
فيما استدل به على استقلال العامي في القضاء وجوابه إنما الاشكال في جواز القضاء للمقلد مستقلا، أو بنصب الحاكم، أو وكالته، واستدل على استقلاله بأمور:
منها: قوله تعالى في سورة النساء: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به) (1).
فإن إطلاقه شامل للمقلد العامي، ومعلوم أنه إذا أوجب الله تعالى الحكم بالعدل بين الناس، فلا بد من إيجاب قبولهم ومن نفوذه فيهم، وإلا لصار لغوا.
وفيه: أن الخطاب في صدر الآية متوجه إلى من عنده الأمانة، لا إلى مطلق الناس، وفي ذيلها إلى من له الحكم وله منصب القضاء أو الحكومة، لا إلى مطلق الناس أيضا، كما هو ظاهر بأدنى تأمل، فحينئذ يكون المراد: أن من له حكم بين الناس، يجب عليه أن يحكم بينهم بالعدل.
هذا مضافا إلى أنها في مقام بيان وجوب العدل في الحكم، لا وجوب الحكم، فلا إطلاق لها من هذه الحيثية.
ويدل على أن الأمر متوجه إلى من له الأمر - مضافا إلى ظهور الآية -: ما روى الصدوق، بإسناده عن المعلى بن خنيس (2)، عن الصادق (عليه السلام) قال قلت له:

١ - النساء (٤): ٥٨، وقد استدل بها في جواهر الكلام ٤٠: ١٥.
٢ - المعلى بن خنيس: هو أبو عبد الله، المعلى بن خنيس البزاز المدني. كان مولى للإمام الصادق (عليه السلام)، ومن قوامه، ممدوحا عنده (عليه السلام)، وإنما قتله داود بن علي بسبه، حتى مضى على منهاجه، وقد توجع (عليه السلام) لقتله، حتى قال لداود بن علي: (يا داود، على ما قتلت مولاي وقيمي في مالي وعلى عيالي؟! والله، إنه لأوجه عند الله منك) هكذا أفاد الشيخ الطوسي في غيبته، ولكن عن ابن الغضائري أن سبب قتله هو دعوته إلى محمد بن عبد الله المعروف بالنفس الزكية ولعله لذا ضعفه النجاشي. وعلى أي حال فقد روى عن الصادق والكاظم (عليهما السلام) وعن أبي الصامت، والمفضل بن عمر، ويونس بن ظبيان، وروى عنه إسحاق بن عمار، وداود بن فرقد، وجميل بن دراج، وهشام بن سالم وغيرهم.
أنظر الغيبة، الشيخ الطوسي: ٢١٠، ورجال النجاشي: ٤١٧ / ١١١٤، وتنقيح المقال ٣: ٢٣٠ - ٢٣٢، ومعجم رجال الحديث ١٨: ٢٣٥ - 236.
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة التحقيق الفصل الأول: ذكر شؤون الفقيه مقدمة التحقيق 1
2 الفصل الأول: ذكر شؤون الفقيه 5
3 الامر الأول: حكم من له قوة الاستنباط فعلا 6
4 الامر الثاني: بيان مقدمات الاجتهاد 9
5 الامر الثالث: البحث حول منصب القضاء والحكومة 18
6 القضاء والحكومة في زمان الغيبة 20
7 في الاستدلال بمقبولة عمر بن حنظلة 26
8 هل الاجتهاد المطلق شرط أم لا؟ 30
9 الاستدلال بروايتي القداح وأبي البختري 32
10 بحث حول مشهورة أبي خديجة وصحيحته 34
11 فيما استدل به على استقلال العامي في القضاء وجوابه 39
12 وجه آخر لجواز الرجوع إلى المقلد وجوابه 48
13 هل يجوز للفقيه نصب العامي للقضاء أم لا؟ 50
14 هل يجوز توكيل العامي للقضاء؟ 54
15 الامر الرابع: تشخيص مرجع التقليد والفتوى 58
16 تقرير الأصل في جواز تقليد المفضول 60
17 بحث حول بناء العقلاء 63
18 إشكال على بناء العقلاء 64
19 جواب الاشكال 69
20 تعارف الاجتهاد سابقا وإرجاع الأئمة (عليهم السلام) شيعتهم إلى الفقهاء 70
21 تداول الاجتهاد في عصر الأئمة: 70
22 ما يدل على إرجاع الأئمة إلى الفقهاء 78
23 عدم ردع الأئمة (عليهم السلام) عن ارتكاز العقلاء كاشف عن رضاهم 81
24 كيفية السيرة العقلائية ومناطها 82
25 هل ترجيح قول الأفضل لزومي أم لا؟ 87
26 أدلة جواز الرجوع إلى المفضول 89
27 الأول: بعض الآيات الشريفة 89
28 الثاني: الاخبار التي استدل بها على حجية قول المفضول 95
29 فيما استدل به على ترجيح قول الأفضل 104
30 في حال المجتهدين المتساويين مع اختلاف فتواهما 111
31 الاستدلال على التخيير بين المتساويين بأدلة العلاج 114
32 الفصل الثاني: في أنه هل تشترط الحياة في المفتي أم لا؟ 119
33 التمسك بالاستصحاب على الجواز 120
34 إشكال عدم بقاء موضوع الاستصحاب والجواب عنه 122
35 تقرير إشكال آخر على الاستصحاب 126
36 التفصي عن الاشكال 130
37 حال بناء العقلاء في تقليد الميت 132
38 الفصل الثالث: في تبدل الاجتهاد 135
39 تكليف المجتهد عند تبدل رأيه 135
40 حال الفتوى المستندة إلى القطع 135
41 حال الفتوى المستندة إلى الامارات 136
42 حال الفتوى المستندة إلى الأصول 138
43 في الإشارة إلى الخلط الواقع من بعض الأعاظم في المقام 143
44 تكليف المقلد مع تبدل رأي مجتهده 144
45 الضميمة 149
46 الفصل الرابع: هل التخيير بدوي أو استمراري؟ 151
47 الفصل الخامس: في اختلاف الحي والميت في مسألة البقاء 157
48 هل يرجع بفتوى الثالث إلى الأول أو الثاني؟ 158
49 كلام العلامة الحائري (قدس سره) 159
50 الايراد على مختار العلامة الحائري (قدس سره) 162