تعطل منصب تدبيره، واما عدم اطلاقه فلان مجرد اعراض الروح لا يوجب ذلك التعطل، إذ قد يكون ذلك لا للذهول، بل لالتفاته إلى غير ما كان مقيدا عليه بالتدبير، وان حصل الانفعال للظاهر والباطن وحصل الفناء التام، فالتأثير من حضرة الجمع، إذ مجموع الانسان لا ينفعل الا لهذه المرتبة أو مظهرها من أمثاله لتحقق المضاهاة أو المحاذاة القاضيتين بكمال الأثر وشموله، وقد بينا ان شيئا ما لا ينفعل لسواه من حيث مضادته، فاذكر.
301 - 5 الرابعة: ان ما عدا هذا المذكور فهو تأثير جزئي، والانسان غير الكامل ان وصف بالكلية فمن حيث ظاهر مرتبة صورته - كالأمراء والحكام - والا فهو جزئي من حيث مرتبة معناه، فان انفعل لجزئي منه فغير مستنكر.
302 - 5 الخامسة: إذا اجتمع اثر الظاهر والباطن فإنه يعرف بالغاية والأغلبية، والاعتبار في ذلك لأول ما يؤثر وأول ما يتأثر فيتبعه الباقي بالتدريج بموجب الارتباط وحكم ما فيه من الأصل الجامع الساري في الأشياء، أو من حيث هو يتحد فلا يتعدد وقد مر حديثه.
303 - 5 ثم نقول: ولما كان وصول الأثر من كل مؤثر إلى كل مؤثر فيه - سواء وصل من مقام الجمع أو ما دونه - انما هو بحسب استعداده الكلى الغير المجعول، والجزئي المجعول ناسب بيان سر الاستعدادين، فالكلي ما به قبلت الماهية الوجود من الحق حال تعيين الإرادة لها من بين الممكنات وتوجه نحوه للايجاد ثم ما يتلبس به يعد من الأحوال، فكل منها معد لما يليه كما قال تعالى: لتركبن طبقا عن طبق (19 - الانشقاق) أي حالا هو متولد عن حال سابق، فهذه استعدادات جزئية وجودية، اما الكلى الذي به قبول الوجود الأول فليس وجوديا، بل هي حالة غيبية للعين الثابتة التي هي صورة علمية ونسبة تعينية في علم الحق لا وجود لها في نفسها، فكيف لحالها؟
304 - 5 وبيان معرفة الفرق بين الحاصلين بالاستعدادين بطريق الاستدلال من الأثر