282 - 5 ثم نقول: الجواب عن معرفة تقابل النسختين بالذوق الثاني الأتم انها معرفة الأشياء بالله ومن كون تلك الأشياء حقا، فإنه يفيد معرفة ان كلا من العالم والانسان صورة الحق وان لا فرق بينهما في ذلك الا بالجمع والتفصيل كما مر في المشهد الثالث من المشاهد الثلاثة التي ذكرها الشيخ الجندي في رسالته:
283 - 5 لما مر ان جميع الأشياء باعتبار أحديتها الوجودية في حضرتي الألوهية بطونا والكونية ظهورا عين الحق - وهذا في نظر العارفين - أو ان كثرتها وإن كانت معتبرة فهي نسب أسمائية، فلا وجود فيها الا للحق والتعدد في أسمائه - وهذا في نظر المحقق المعتلى على العارف - فإذا عرف بأحد هذين الوجهين ان الأشياء أسماء الله وهى في الحقيقة والتحقيق عين المسمى، يشهد صاحب هذا الذوق نفسه والمسمى غيرا عين الحق، لانمحاء جميع التعينات والأحوال الكونية عنده، اما لعدم اعتبارها أصلا أو لكونها نسبا عدمية، كما قال الشيخ قدس سره فيما مر، ففنى من ليس وجوده الا اعتباريا وبقى من له الوجود الحق، فإذا شهد هذا الذائق نفسه والعالم عين الحق كيف لا يحصل عنده تطابق نسخته مع نسخة العالم أو مع النسخة الإلهية؟ فمبنى هذا التطابق والتقابل ملاحظة التغاير النسبي الاعتباري مع العينية الحقيقية، إذ لولا أحد الملاحظتين فلا تطابق.
284 - 5 فان قلت: هذا يفيد التطابق والتقابل عند الملاحظتين، والمقصود التطابق في نفس الامر وذلك يستدعى التعدد بين المتطابقين في نفس الامر، والعينية ينافي التعدد، وتنافى اللازمين ملزوم تنافى الملزومين؟
285 - 5 قلت: قد مر ان جهة الامكان لا تفارق الكامل ولو في أعلى مراتب الكمال، فلتقرر ذلك فيما سلف كان كالمفروع عنه فلم يذكر هيهنا، فحاصل الجواب تحقق جهتي العينية والتعدد في نفس الامر - كما هو مشهد المحقق -