مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ٢٥
20 - 2 قال الشيخ قدس سره في تفسير (1) الفاتحة: بين مرتبة: كنت سمعه و
- الجامعة، فله الأحدية الجمعية بين جميع الأسماء من الكلية والجزئية والأصلية والفرعية والذاتية والصفاتية، هذا هو مقام أو أدنى، ولصاحب هذا المقام الرئاسة الكبرى والسيادة العظمى، وهو المرجع والمبدأ، ومنه يصل الفيض إلى الكل من الدرة إلى الذرة، وما ذكرنا في شرح البطون مأخوذ ومستفاد من كلام الشارح الفرغاني في تحقيق المنازل والمقامات، فقد شرحت كلامه بكلامه اقتداء بالشارح الفاضل. تدبر (ش) (١) - قوله: قال الشيخ في التفسير بين مرتبة كنت سمعه وبصره: قد علمت من بياناتنا السابقة ان مرتبة النبوة والرسالة والخلافة بين قرب النوافل ومرتبة الكمال المختص لصاحب أحدية الجمع، فلا يحتاج إلى الشرح والتفصيل ثانيا، ويظهر من هذا الكلام ما هو حق المقام من أن كل نبي ولى ولا عكس، وكل رسول نبي ولا ينعكس، وكل خليفة أولي العزم رسول وليس كل رسول بأولى العزم، ويظهر منه أيضا ان أولي العزم هم الذين يبلغون رسالات ربهم ويلزمون ممن أرسلوا إليهم بالايمان، فان أبوا قاتلوهم، بخلاف الرسول إذا انفرد بالرسالة ولم يؤمر بالقتال فإنه ما عليه الا البلاع، كما كان الامر في أول عهد نبينا، على ما قيل في أول عهد نبينا اخذ السنة عليه في سورة قل يا أيها الكافرون، وفي قوله: وما عليك الا البلاع، وفي قوله: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر على وجه وأمثال ذلك، بخلاف الحال في ما بعد، فإنه ورد الامر بالقتال وانسحب الحكم وانبسط على الأموال فنزل: اقتلوا المشركين كافة واقتلوهم حيث ثقفتموهم ونحو ذلك، وإن كان كلمات القوم في معنى أولي العزم مختلفة وليس هنا موضع نقلها ويلوح لمة أيضا كما حققنا وفصلنا ان منشأ تقدم النبي وشرافته وفضيلته على الولي، وكذلك الرسول وكذلك صاحب أحدية الجمع والخاتم على الكل هو خصوصيات الولاية والقرب والكمال وقوتها وشدتها، لأنها روح النبي والرسول واولى العزم وباطنها وحقيقتها، وجهة الابلاع والارسال والالزام ونظائرها صورة وظاهر، والعبودة متقومة بالمعنى والروح والظاهر بالباطن والرقيقة بالحقيقة، بل قوة الولاية وشدته الموجبة للنبوة والرسالة والخلافة، أي اقتران الرسالة بالسيف.
وبعبارة أخرى: جهة الولاية جهة الحقانية الإلهية والوحدة، وجهة الرسالة والنبوة جهة الامكانية والخلقية والكثرة، فظهر ان جهة الولاية أشرف وأفضل وأكمل من جهة النبوة والرسالة والخلافة إذا اجتمعت في شخص واحد أو لو حظت الجهات، لا ان الولي أفضل وأكمل من النبي والرسول واولى العزم، لوجدانهم الولاية الشديدة التامة على حسب مراتبهم، وإذا تأملت فيما ذكرته حق التأمل من أن منشأ التقدم والشرافة هو خصوصيات الولاية والكمال وشدتهما وقوتهما لا تشك ان تقدم النبي والرسول على الولي ليس على اطلاقه وعمومه، بل على الولي الذي يكون من أوصيائه وخلفائه وتوابعه وورثته، لا من ولى رسول اخر ووصيه وخليفته وورثته وتابعه، بل قد يكون ذلك الولي الذي يكون وصيا وخليفة وتابعا لرسول اخر مرتبة ولايته ومقام قربه وكماله أعلى وأقوى وأشد من ذلك النبي والرسول، وعلى هذا يكون ذلك الولي والوصي أقدم وأشرف وأكمل من ذلك النبي والرسول بدرجة أو درجات كثيرة.
فطلع من أفق ذلك البيان شمس سر تقدم الأوصياء المحمدية على الأنبياء السابقين من أولي العزم وغيرهم بدرجات كثيرة، بل تقدم علماء الأمة المحمدية على السابقين أو كونهم على درجتهم ومقامهم، فإنك قد علمت أن أعلى درجات الكملين من أولي العزم من الرسل من السابقين حالا أو مقاما ومحتدهم ومنبعهم هو البطن السادس والتعين الثاني، ومقام الوارث المحمدي ومرتبته في البطن السابع والتعين الأول والوحدة الحقيقية الجامعة وازالته ظلمات ليالي الأوهام السخيفة والتخيلات الفاسدة من القائلين بتقدم النبي والرسول على الولي والوصي -