مجريات العلوم المختلفة بسبب الاحترام الشديد لآراء أرسطو والالتزام بها.
وقد لخص أرسطو في بحثه عن الأجنة معتقدات أهل زمنه ورأيه فيها واعتبرها تندرج تحت نظريتين:
الأولى: وهي ان الجنين يكون جاهزا في ماء الرجل فإذا دخل ماء الرجل الرحم انعقد ثم نما كما تنمو البذرة في الأرض يستمد غذاءه من الرحم.
الثانية: ان الجنين يتخلق من دم الحيض حيث يقوم المني بعقده مثلما تفعل الإنفحة باللبن فتعقده وتحوله إلى جبن.. وليس للمني في ايجاد الولد دور قط وانما هو دور مساعد مثل دور الإنفحة في ايجاد الجبن.
وقد أيد أرسطو هذه النظرية الأخيرة ومال إليها.. وقد كان أرسطو من المؤيدين لنظرية التخلق الذاتي التي تقول بتولد الدود والمخلوقات من العفونة والمواد المتحللة.. ولذا تصور ان الجنين يتخلق من دم الحيض كما كان يعتقد ان الحشرات والديدان تتولد من العفونات والمواد المتحللة (1)..
وقد ظلت هذه النظرية سائدة ردحا من الزمن حتى جاء لويس باستير العالم الفرنسي المشهور وقضى عليها قضاء مبرما عام 1864 حيث أثبت أن العفونات مصدرها مخلوقات دقيقة جدا (تدعى الميكروبات).. وقد أثبت غيره من قبله بسنوات أن المواد المتحللة والعفونات لا تولد الديدان ولا الحشرات.. وانما تتوالد هذه الحشرات نتيجة تجمع بيضها حيث ترميه الحشرات الطائرة أو الزاحفة.. وتتولد اليرقات ثم تنمو اليرقات إلى حشرات.
وعلى هذا الأساس قامت صناعة حفظ الأغذية.. وقد استطاع باستور أن ينقذ صناعة الجعة (البيرة) في وطنه فرنسا من الانهيار نتيجة لتلك الاكتشافات كما أن له الفضل في تعقيم اللبن بطريقته المنسوبة إليه - البسترة - وهي طريقة بسيطة تتمثل في تسخين اللبن إلى 60 درجة ثم تبريده بعد ذلك وحفظه في أواني