وعندئذ يشارك الرحم الجميع الحزن فيبكي.. ويبكي دما.. وهو دم الحيض ولكن عناية الله ترعى الجميع فيكفكفون دموعهم وتبدأ الغدة النخامية مرة أخرى ترسل الهرمون المنشط للحويصلات H. S. F وتنمو حويصلة أخرى وبها البويضة.. كما أن بها مجموعة من الخلايا التي تفرز هرمون الأنوثة الاوستروجين.. فيجعل كيان المرأة بأكمله جسديا ونفسيا وتناسليا راغبا في التلقيح.. وتتعرض الأنثى لزوجها.. حتى لا تضيع الفرصة مرة أخرى..
وتحت تأثير هرمون آخر من الغدة النخامية تخرج حويصلة جراف البويضة من داخلها وتقذف بها إلى القناة الرحمية فتتلقفها أهداب البوق.. وفي نفس الوقت تنمو خلايا الحويصلة ويصفر لونها.. وترسل هرمون الحمل البروجسترون فتشتد رغبة المرأة في لقاء زوجها.. ويستعد جسمها بأكمله لهذا اللقاء.. حتى افرازات عنق الرحم الثخينة ترق لتسمح بسرعة للحيوانات المنوية بالولوج فهي في شوق وتلهف للقائها.. وتصعد الحيوانات حثيثا لتجد البويضة بتاجها المشع تدعوهم إليها.. وعند ذاك تختار يد القدرة واحدا من هذه الحيوانات ليلقحها وعندئذ يهش الرحم لذلك الحدث فيستعد بالبسط والطنافس ليرحب بالوافد والقادم وتسارع الدماء إلى الرحم تمده بالماء والغذاء.. كما أن هرمون الحمل يزداد افرازه من الجسم الأصفر في المبيض ليؤذن الجسم بأكمله بابتداء الحمل مستعدا باختزان الأملاح والحديد والدماء والفيتامينات ليعطيها الجنين.. حتى الأثداء تبدأ استعدادها وتنمو غددها اللبنية تحسبا لللحظة التي سيخرج فيها المولود إلى الدنيا فيجد غذاءه جاهزا..
أمور لا تخطر ببال ولا في الخيال.. وخلايا ليس لها عقل ولا ادراك تفعل هذه العجائب كأحسن ما يكون العقل والادراك وكأحسن ما تكون البراعة والدقة في التنظيم.. كلها تتناغم لكأنما هي دعاء وصلاة من مجموعة من الخاشعين المتبتلين.. ترتفع أكف الضراعة في وقت واحد وتقول جميعها بصوت واحد..