وآله وسلم. لا يطلع أحد من الناس على ما يدور بينهما، وكان كثير السؤال للنبي صلى الله عليه وآله عن معاني القرآن وعن معاني كلامه صلى الله عليه وسلم. وإذا لم يسأل ابتدأه النبي صلى الله عليه وسلم بالتعليم والتثقيف. ولم يكن أحد من الصحابة كذلك. بل كانوا أقساما: فمنهم من يهابه أن يسأل، وهم الذين يحبون أن يجئ الأعرابي أو الطارق فيسأله وهم يسمعون. ومنهم من كان بعيد الفهم قليل الهمة في النظر والبحث. ومنهم من كان مشغولا عن طلب العلم وفهم المعاني. إما بعبادة أو دنيا. ومنهم المقلد الذي يرى أن فرضه هو السكوت وترك السؤال. ومنهم المبغض الشانئ الذي ليس للدين عنده من الموقع ما يضيع وقته وزمانه بالسؤال عن دقائقه وغوامضه. أما علي رضي الله عنه يضاف إلى الأمر الخاص به ذكاؤه وفطنته. وطهارة طينته. وإشراق نفسه وضوؤها... فلذلك كان علي كما قال الحسن البصري رباني هذه الأمة وذا فضلها " (1)، وقيل للحسن البصري: ما تقول في علي بن أبي طالب؟ فاحمرت وجنتا الحسن وقال: رحم الله عليا. إن عليا كان سهما صائبا في أعدائه. وكان في محلة العلم أشرقها وأقربها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله. وكان رهباني هذه الأمة. لم يكن لمال الله بالسروقة. ولا في أمر الله بالنومة. أعطى القرآن عزائمه وعمله وعلمه. فكان منه في رياض مونقة وأعلام بينة) (2).
وعندما بدأ أمير المؤمنين يكشف عن نفسه في عالم الرواية بعد اندثار عالم اللارواية روي عنه أنه قال: " اللهم لا أعرف أن عبدا لك من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك - قالها ثلاث مرات - لقد صليت قبل أن يصلي الناس سبعا " (3)، وقال: " أنا أول من صلى مع رسول الله " (4)، وقال: " كنت إذا سألت الله