لشيعة عثمان والإدناء لهم.
فقال له المغيرة: قد جربت وجربت، وعملت قبلك لغيرك فلم يذممني، وستبلو فتحمد أو تذم.
فقال: بل نحمد إن شاء الله " (1).
إقرأ قول معاوية: " لا تترك شتم علي وذمه "، فهل يبقى لحديث الخلفاء حجة على أحد بعد هذا القول؟! أرجو أن لا يخطئ القارئ ويظن أن معاوية أمر المغيرة بالترحم على عثمان والاستغفار له لأنه من الخلفاء الأربعة. كلا، بل هي القبلية والعصبية واللعبة السياسية. وهذا أقل ما يمكن أن يقدمه معاوية لعثمان، لأن معاوية مدين لعثمان، كما هو مدين لمن سبقوه فيما بلغه من مقام بين أهل الشام، حتى بلغ ما يصبو إليه. فقد تركوا له الشام يتصرف فيها كما يشاء مدة أربعين عاما انتهت بوفاته وخلافة ابنه يزيد الفاسق.
وأما طلحة والزبير فحدث عنهما ولا حرج، فقد خالفا الخليفة الرابع أسوأ ما تكون المخالفة وأشد، وذلك لأنه من الخلفاء الأربعة المأمور باتباعهم، ولأنهما سبقا الناس وتصدرا غيرهما في البيعة له، إذ كانا أول من بايع الإمام يوم هجم الناس عليه يبايعونه طوعا ورغبة منهم، ولأنهما حارباه بعد ذلك كله وألبا عليه الناس.
فاسمع كيف يتألم الإمام لما فعلا، يقول علي (عليه السلام): " اللهم إنهما قطعاني وظلماني ونكثا بيعتي وألبا الناس علي، فاحلل ما عقدا ولا تحكم لهما ما أبرما، وأرهما المساءة فيما أملا وعملا.
ولقد استتبتهما قبل القتال، واستأنيت بهما أمام الوقاع، فغمطا النعمة وردا العافية " (2).
وقد كتب الإمام علي (عليه السلام) رسالة إليهما قبل القتال ينذرهما ويعظهما، قائلا: " فارجعا أيها الشيخان عن رأيكما، فإن الآن أعظم أمركما العار، من قبل أن يتجمع العار والنار، والسلام " (3).