أن الاختلاف بين الخلفاء لهو أشد خطرا من اختلاف العامة من المسلمين ما دام القادة في سلامة منه.
فالحق إن اتبع لن يجد الاختلاف إلى اتباع ذلك الحق سبيلا، وكما أن الحق واحد، فالمجتمعون عليه وإن كثر عددهم فهم في الحقيقة واحد، فكيف يختلف الواحد؟! بل كيف يختلف الاثنان وهما على الحق! إذا فالواحد لا يختلف ليكون اثنين والاثنان لا يختلفان وهما قد توحدا على الحق بعد إدراكه. نعم ليس كل ما اجتمع عليه حقا لأن الكثيرين يمكن اجتماعهم على الباطل كما يمكن أن يختلفوا وهم على الباطل أيضا بأن يكون الاختلاف بين الطرفين: كل طرف يدعي باطلا يظنه الحق، وكما يمكن أيضا اختلافهم بأن يكون طرفا الخلاف أحدهما على الباطل والآخر على الحق.
فهذه صور ثلاث أدى إليها وجود الباطل في أحد الطرفين، إذا فالباطل إما أن يتفق عليه، أو يختلف فيه، أو يختلف الباطل مع الحق. وأما الحق فله صورة واحدة إذ أنه واحد، فلا بد من الاتفاق عليه والاتحاد فيه. وأية صورة بخلاف ذلك فهي متضمنة للباطل بأي شكل كان. ولهذا فأينما وجد الاختلاف فاعلم أن الباطل قد أطل برأسه من جهة أو من الجهتين بباطلين مختلفين في الموضوع والهدف، ولهذا حذر منه النبي (صلى الله عليه وآله)، وهو تحذير تناول المعلول دون العلة، فالباطل علة الاختلاف.
إن الاختلاف الذي وقع بين الصحابة كافة أو بين الأربعة هو صورة واحدة من صور الاختلاف الثلاث، ولهذا لا يمكن أن يكون اتباعهم على السواء نجاة من الاختلاف.
ولمعرفة الحق لا بد من علامات ومعالم وإشارات وأدلة من سنخ الحق نفسه تشير وتدل عليه.
وخلاصة هذا الأمر أن حديث اتباع سنة الخلفاء حديث محرف المعنى والدلالة، فهو إن كان يدل على اتباع الخلفاء فهو لا بد أن يدل بالتأكيد على وحدتهم واتساقهم، لا سيما في سنة النبي (صلى الله عليه وآله) وكل ما يهم الناس.
ثم إنه هناك دلالة في الحديث تشير إلى اتباع الأربعة، فإن اسم الخلفاء الوارد في الحديث لا يعني بأي شكل كان أنهم الخلفاء الأربعة. وهل الخلفاء أربعة كما ذكر؟