عثمان وعبد الرحمن بن عوف ومرشحهم للخلافة هو عثمان. وبما أن الترجيح جعل بيد ابن عوف على حسب الشرط المذكور، فإن جواب الإمام علي عليه السلام بشأن العمل بسيرة الشيخين كان بالرفض قائلا ": (أعمل بكتاب الله وسنة نبيه واجتهادي) (1)، بينما كان جواب عثمان بالقبول، فآلت إليه الخلافة تبعا " لذلك.
وفي صحيح البخاري تجد جزءا " من هذه الحادثة كما يرويها ابن مخرمة، قال: (طرقني عبد الرحمن بعد هجع من الليل فضرب الباب حتى استيقظت، فقال:
أراك نائما "، فوالله ما اكتحلت هذه الثلاث بكثير نوم، انطلق فأدع لي الزبير وسعدا "، فدعوتهما له فشاورهما، ثم دعاني فقال: أدع لي عليا " فدعوته، فناجاه حتى ابهار الليل. ثم قام علي من عنده وهو على طمع (بمعنى رفضه شرط العمل بسيرة الشيخين)، ثم قال: ادع لي عثمان فدعوته، فناجاه حتى فرق بينهما المؤذن بالصبح، فلما صلى بالناس الصبح، واجتمع أولئك الرهط عند المنبر، فأرسل عبد الرحمن بن عوف إلى من كان حاضرا من المهاجرين والأنصار، وأرسل إلى أمراء الأجناد، وكانوا وافوا تلك الحجة مع عمر فلما اجتمعوا، تشهد ثم قال: أما بعد، يا علي، إني قد نظرت في أمر الناس فلم أرهم يعدلون بعثمان، فلا تجعلن على نفسك سبيلا ". فقال عثمان: أبايعك على سنة الله ورسوله والخليفتين من بعده، فبايعه عبد الرحمن وبايعه الناس) (2).
ولنا أن نتساءل: لماذا أضاف الخليفة عمر شرط العمل بسيرة الشيخين فضلا " عن استحداث مثل هكذا مصطلح أصلا "؟ ولماذا أعلن عمر عند وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم اكتفاءه بكتاب الله، وأصبح الآن عند وفاته هو يقول وكأن كتاب الله وسنة نبيه لا يكفيان إلا إذا أضيف إليهما سنة الخليفتين؟؟