والنتيجة المأساوية لكل ذلك، أن الدين أصبح ينظر إليه على أنه مجرد أساطير وخرافات، وفي أحسن أحواله شعارات براقة تروج وهو أبعد ما يكون فيه أي صلاحية لزمان أو مكان.
وللتحقق من هذا الواقع، ما علينا إلا إلقاء نظرة سريعة في حال غالبية التنظيمات والحركات التي تأسست بعد انهيار الخلافة العثمانية عام 1924 م ولغاية أيامنا هذه، ورفعت شعار الحل الإسلامي، حيث سنجد أن ما تطرحه من أفكار وبرامج، وإن. جد أي منها - وما تتبناه من أساليب للوصول إلى غاياتها في إقامة الحكم الإسلامي المنشود يشوبه التخبط والفوضى، لا سيما مع تقوقعها على نفسها، وعدم توفرها على بدائل، مما أوصلها إلى حافة الإفلاس الفكري وخسران التأييد الجماهيري.
وأمام هذا الواقع، لا بد لنا وأن نعترف أن أمتنا تعيش اليوم أزمة فهم لهذا الدين، لفقدانها الرؤية الشمولية والمتكاملة، وأزمة هوية لوجود تناقض صارخ بين واقع المسلمين وواقعية الإسلام، الأمر الذي يعمل على تغذية الشكوك والتساؤلات حول إمكانية تطبيق الشريعة الإلهية في هذا الزمان.
وما وجود تلك الخلافات المزمنة بين أهل السنة والشيعة، وما يدور داخل إطار كل فريق من مجادلات ومشاحنات إلا دليل واضح على وجود مثل هذه الأزمة في الفهم، وتلك الأزمة في تحديد الهوية.