الاضطهادات والمسيحية يبدو أنه من اللازم أن نتحدث هنا - ونحن على ذكر بحركة الاضطهادات في المسيحية - حديثا فيه شئ من التفصيل عن هذه الاضطهادات، ذلك لأن هذه الاضطهادات كانت بعيدة الأثر في توجيه المسيحية، وكانت من أهم الأسباب التي دفعت المسيحية إلى ما هي عليه الآن من الميل للعنف، وسنشير في دراستنا القادمة عدة مرات لهذه الاضطهادات، وسنصفها بالقسوة والوحشية والبربرية، ولذلك كان من الأفضل أن نذكر عنها هنا شيئا يساعد القارئ على فهم جذورها، وعلى فهم الأثر الذي خلفته.
والاضطهادات ذات الصلة بالمسيحيين وذات الأهمية في بحثنا، نوعان:
1 - ما نزل بالمسيحيين من أعدائهم في عهود المسيحية الأولى.
2 - ما أنزله المسيحيون بعد قوتهم بمخالفيهم في الرأي من المسيحيين وغيرهم ممن أطلق عليهم هراطفة.
وقد اشتط بالمسيحيين عندما كانوا ضعافا مغلوبين على أمرهم، ونزلت بهم آنذاك ألوان من الضيم والخسف والوحشية، فلما آل لهم السلطان، أنزلوا بمخالفيهم ألوان العذاب بنفس الوحشية التي عوملوا بها أو بأكثر منها، أما تعاليم الرحمة والغفران، أما هتاف المسيح الذي يقول فيه (أحبوا أعداءكم، باركوا لأعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم (1) فقد بقيت كلمات مسطورة دون أن يكون لها أي أثر أو نتيجة.