حقيقة قصة الصلب للتكفير:
قلنا إن مبدأ التثليث ورد للمسيحية من الفلسفة الإغريقية، ونقول هنا كذلك إن فكرة الصلب للتكفير ليست من المسيحية في شئ، ويبدو أنها وردت إلى المسيحية من عقائد أخرى وبخاصة عقيدة الهنود، إذ أننا نجدها معتقدا سائدا عند الهنود قبل المسيح بمئات السنين، فهم يعتقدون أن (كرشنا) المولود البكر الذي هو نفس الإله (فشنو) الذي لا ابتداء له ولا انتهاء، تحرك حنوا كي يخلص الأرض من ثقل حملها، فأتاها وقدم نفسه ذبيحة عن الإنسان، ويصورونه مصلوبا مثقوب اليدين والرجلين، ويصفون كرشنا لذلك بالبطل الوديع المملوء لاهوتا لأنه قدم نفسه ذبيحة من أجل البشر.
وفي بلاد النيبال والتبت يعتقدون أن إلههم (أندرا) سفك دمه بالصلب وثقب المسامير لكي يخلص البشر من ذنوبهم، وأن صورة الصلب موجودة في كتبهم (1).
وقبل أن نترك هذا الموضوع نحب أن نقرر أن الأناجيل الأربعة المعتمدة عند النصارى اختلفت اختلافا كبيرا في إيراد قصة الصلب، ويعجب الإنسان كيف تختلف هذه الأناجيل في أساس هام من أسس ديانتهم، ولو صح أن هذا أساس، وأن المسيح أنبأ به، لكان اهتمامهم بتدوينه متساويا أو متقاربا، أما مدى التفاوت بين هذه الأناجيل في ذلك الموضوع فيصوره الأستاذ عبد الوهاب النجار بإيراد نصوص هذه الأناجيل كاملة حول هذه المسألة، ثم يناقشها فيعدد أربعة وثلاثين وجها من أوجه التضاد بين هذه