وبعد، فقد اتضحت لنا المصادر الحقيقية للمسيحية الحالية، ونقرر هنا بيقين أن هذا ليس خافيا على الكهنة المسيحيين الذين يقودون هذا الركب، ويقول الأستاذ محمد فؤاد الهاشمي القسيس الذي أسلم:
إن المسيحية في أصولها دين سماوي جاء به المسيح من عند الله، ولكن الكهنة في كل زمان ومكان كانوا يحتكرون الأسرار لأنفسهم، تلك الأسرار التي لو كشفنا عنها لتبين أنهم يعرفون الحق ويحيدون عنه، وإنه ليمنعني من الدخول في أسرار الكنائس عديد من الاعتبارات سوف تزول ويأتي الوقت الذي نفصح فيه عن كل شئ (1).
وأنا بدوري أرجو أن يفصح الأستاذ الهاشمي عما عنده من أسرار، فلقد قادته هذه المعرفة إلى الهداية وأصبح عليه أن يعمل لهداية الآخرين.
الكنيسة في خدمة السياسة الغربية:
ويتصل بالمصادر الحقيقية للمعتقدات المسيحية مصدر جديد تمارسه الكنيسة هذه الأيام، أي بعد انحسار الاستعمار الغربي، فإن الدول الاستعمارية أوحت للكنائس بمبادئ جديدة لتضعها الكنيسة ضمن المعتقدات المسيحية بالنسبة للدول النامية وحدها، ففي ذلك حفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من تسلط الغرب على الدول النامية.
ويندهش الباحث عندما يرى كبار رجال الكنائس يتناسون المسيحية ومبادئها الأصيلة السمحة، ويجندون أنفسهم لخدمة الاستعمار، وهم يتخذون الدين المسيحي وسيلة للضغط على الشعوب المسيحية النامية حتى لا تتطور، وحتى تبقى بمنأى عن الرقي والتصنيع والتقدم، وإذا كانت الكنيسة في الغرب تقر مبدأ فصل الدين عن الدولة، فإنها لا تقر ذلك بالنسبة لبلاد الشرق، ليظل كلام الكنيسة سيفا مصلتا على الرقاب، وإذا كانت الكنيسة في الغرب