حركة الاصلاح الديني الحديث عن المذهب البروتستانتي أو عن حركة الاصلاح الديني يحتاج إلى شئ من التفصيل لبيان حالة الكنيسة قبيل هذه الحركة الاصلاحية، وفيما يلي أهم الأسباب التي دعت إلى الثورة والتي أنتجت حركة الاصلاح.
1 - سلطة الدولة:
وأول ما نبرزه هو السلطة التي حصل عليها البابا، تلك السلطة التي منحتها له المجامع أو التي منحتها له الظروف، وقد رأينا أن مجمع رومة المنعقد سنة 869 قرر أن الفصل في المسائل الدينية من اختصاص كنيسة روما، وأن المسيحيين جميعا يخضعون لقرارات رئيس هذه الكنيسة، ورأينا أن مجمع رومة المنعقد سنة 1215 يقرر أن الكنيسة البابوية تملك حق الغفران وتمنحه لمن تشاء، وطبيعي أن من يملك حق الغفران يملك حق الحرمان.
أما السلطة التي منحتها الظروف للبابا فمرجعها إلى الانقسام السياسي الذي حصل في الدولة الرومانية الغربية وإلى الصراع الذي كان كثيرا ما يحصل بين الدول الجديدة التي قامت على أنقاض الدولة الرومانية الغربية، وفي وسط هذا الانقسام وذلك الصراع استقل البابا استقلالا تاما ولم يعد تابعا لأي من الملوك والأمراء، وقد اعترف الجميع له بالاستقلال تخلصا من التنافس على السيطرة على الكنيسة، ومن ثم صار تعيين البابوات بطريق المجامع لا بطريق الأباطرة وهذا أيضا قوى سلطان البابا.
وفي الوقت الذي لم يعد البابا تابعا لأي من الملوك كان الملوك بحكم أنهم مسيحيون تابعين للبابا وخاضعين له تبعا لقرار المجمع آنف الذكر الذي جعل كل المسيحيين ملزمين بطاعة البابا وخاضعين له.
وكان المسيح كما يعتقدون قد أقام بطرس الرسول خليفة له ليرأس