عودة إلى التثليث في المسيحية:
لقد سرنا مع عقيدة التثليث منذ العهد البدائي، منذ عبادة الأبطال حتى مدرسة الإسكندرية التي قامت عقب إنشاء مدينة الإسكندرية سنة 331 ق م وورثت حضارات مختلفة وقام بها علماء مصريون وساميون ويونان، ورومان، وعرفت اليهودية طريقها إليها كما انسابت إليها أفكار وثنية كثيرة، وقد استمرت هذه المدرسة تباشر مكانتها الثقافية حتى ميلاد المسيح وبعد ميلاد المسيح، ومن أشهر علمائها (أفلوطين 205 - 270 م) وعلى يده كان تجديد مذهب أفلاطون حتى عرف مذهب أفلاطون بالأفلاطونية الحديثة، وخلاصة مذهب أفلوطين أن في قمة الوجود، يوجد (الواحد) أو (الأول) وهو جوهر كامل فياض، وفيضه يحدث شيئا غيره هو (العقل) وهو شبيه به، وهو كذلك مبدأ الوجود، وهو يفيض بدوره فيحدث صورة منه هي (النفس) وتفيض النفس فتصدر عنها الكواكب والبشر (1). أو بعبارة سهلة موجزة ثلاثة في واحد وواحد في ثلاثة: (الواحد - العقل - النفس).
كيف انتقلت هذه الأفكار إلى المسيحية؟، الجواب على ذلك سهل يسير، فقد مرت بالمسيحية عهود ضعف واضطهاد تحدثنا عنها فيما سبق، وطبيعة هذه الهزائم أضعفت المقاومة، وقضت أن يستتر المسيحيون، أو على الأقل يكتموا تدينهم بين أضلاعهم فلا يعرفه أحد، وامتد الاضطهاد إلى إنجيل عيسى فالتهمه وقضى عليه، وهكذا فقدت المسيحية كثيرا من رجالها في قمتهم المسيح نفسه، وفقدت أكثر مراجعها الأصلية، فأصبح مصدر المسيحية واهنا أو معدوما.
ودخل بولس المسيحية كما سبق وكان عارفا بالفلسفة الإغريقية التي